رغم تأكيدات إيران المستمرة على سلمية برنامجها النووي وتوقيعها اتفاقاً تاريخياً في العام 2015 مع السداسية الدولية يطمئن المنطقة والعالم إلى أن المشروع النووي الإيراني مدني وأغراضه سلمية بحتةـ انسحبت منه إدارة ترامب فيما بعد- إلا أن الكيان الصهيوني، الذي يملك مئات الرؤوس النووية التي تهدد أمن المنطقة والعالم، لم يتوقف عن محاولاته العبث بأمن المنطقة، بذريعة التصدي لمحاولات إيران تصنيع قنبلة نووية، حيث نفّذت أدواته الاستخباراتية مجموعة من الاغتيالات لعدد من العلماء الإيرانيين في السنوات الماضية كان آخرهم يوم الجمعة اغتيال البروفيسور الشهيد محسن فخري زادة، ليؤكد هذا الكيان الإرهابي مرة تلو المرة خروجه على الإجماع الدولي والشرعية الدولية واستعداده لارتكاب أي جريمة مهما كان نوعها في سبيل تحقيق طموحات التوسع والهيمنة.
الجريمة التي جوبهت بحملة إدانة دولية وانتقادات كثيرة، حتى في داخل أميركا والكيان الصهيوني، لخطورتها وخطورة ما قد ينجم عنها من ردود أفعال، وضعت المنطقة على فوهة بركان، ولا سيما أن القيادة الإيرانية ليست في وارد السكوت على جريمة استهدفت عالماً من أبرز علمائها النوويين، واغتالت عقلاً من العقول الإيرانية التي كان لها مساهمات باهرة في نهضة إيران وتطورها العلمي وخاصة في المجال النووي.
ما من شك بأن استمرار الكيان الصهيوني بهذا النهج العدواني الخطير يؤكد مخططاته الحاقدة ونواياه الخبيثة لتفريغ المنطقة من النخب العلمية والمبدعة التي تساهم بتطور ونهضة بلدانها، كي يبقى بمفرده يحتكر التقدم العلمي والتكنولوجي وكذلك القدرات النووية المدنية والعسكرية في المنطقة، وهو ما يمكنه ـ في ظل زحف بعض الأنظمة للتطبيع المجاني والمذل معه – من التحكم بمصير ومستقبل شعوب المنطقة ودولها على المدى البعيد، الأمر الذي يستدعي رداً مناسباً على هذه الجريمة النكراء تردعه وتضع حداً لتماديه في هذا السلوك الخطير.
من الواضح أن الكيان باغتياله الشهيد زادة يستغل بدناءة الفترة الانتقالية التي تمر بها أميركا، إذ مايزال الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب يمعن في تخريب وتوتير العلاقات الدولية انتقاماً لخسارته الانتخابات، محاولاً وضع العراقيل أمام الرئيس المنتخب جو بايدن كي يحول دون عودة واشنطن للاتفاق النووي مع إيران، ولكن هذا لا يمنع من تأديب المجرم ومحاسبته على جرائمه لأن إفلاته من العقاب سيشجعه على المزيد، ومن غير الوارد القبول بهذه المعادلة في محور المقاومة مهما كانت النتائج.
البقعة الساخنة – عبد الحليم سعود