أجواء التوتر في المنطقة تأخذ منحى تصاعدياً، والجميع يترقب بحذر ما ستفضي إليه حالة الهيستيريا العاصفة بالرئيس الأميركي المهزوم دونالد ترامب، وما يتم تحضيره بين أركان الثالوث الإرهابي ” الأميركي والصهيوني والسعودي” لاستهداف المنطقة من بوابة المحور المقاوم، كالاجتماع الأخير بين ” نتنياهو وبومبيو وابن سلمان” في مدينة نيوم السعودية أعطى الكثير من المؤشرات على احتمال حدوث التصعيد إلى ذروته القصوى، وجريمة اغتيال العالم الإيراني فخري زادة جاءت كإحدى ترجمات ما تم التحضير له على الأرض، واستهداف إيران، وإطالة أمد الأزمة في سورية، واستكمال إجراءات تصفية القضية الفلسطينية في إطار “صفقة القرن”، تبقى قواسم مشتركة تجمع بين أصحاب الرؤوس الحامية في هذا الثالوث الإرهابي.
إدارة ترامب المدفوعة بتحريض صهيوني، وإغراء من ” البقرة السعودية الحلوب”، ترسم في أيامها الأخيرة الخطوط السياسية العريضة للمرحلة القادمة، لتكون الإدارة الجديدة محكومة في التعامل معها، وعدم القفز فوقها، وبايدين لا تنقصه الحيلة والألاعيب في العمل على إعادة تدوير الزوايا بما يخدم هذه السياسة التخريبية، والبناء عليها، طالما أن الهدف يصب في النهاية بمصلحة المشروع الصهيو-أميركي المعد للمنطقة، فإيران غير مسموح لها أميركياً وصهيونياً وسعودياً امتلاك قدرات عسكرية وعلمية تعزز مكانتها وحضورها السياسي كقوة إقليمية صاعدة، وسورية أيضاً ممنوع أن تستعيد عافيتها ودورها المحوري والفاعل في قضايا المنطقة، لأنها تمثل الحلقة الأساسية في المحور المقاوم، وإبقاء سياسة الضغوط القصوى على سورية وإيران، وإلى جانبهما بقية أطراف محور المقاومة، هو مصلحة أميركية وصهيونية وسعودية لتمرير ” صفقة القرن”، فزيارة الصهيوني جاريد كوشنر إلى الرياض ومشيخة قطر، هي خطوة مكملة لما اتفق عليه خلال “اللقاء الثلاثي” في نيوم السعودية، وبالتالي لن يكون أمام بايدين إلا المضي قدماً بتدعيم مسار التطبيع المجاني، والقفز فوق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتشديد العقوبات الجائرة على إيران، وإبقاء سورية في دائرة الحصار الاقتصادي الظالم، وربما استنساخ حزم جديدة من “قيصر” الإرهابي.
ثمة من يراهن على إمكانية تغيير في السياسة الأميركية خلال المرحلة القادمة، بناء على وعود بايدين الكاذبة، ولكن هذا الرهان خاسر، على الأقل لجهة النهج العدائي ضد المنطقة وشعوبها، وضد محور المقاومة على وجه التحديد، فأياً كان هو ساكن البيت الأبيض لن يغير شيئاً من الاستراتيجية الأميركية الهدامة، نلاحظ ذلك من خلال الدعم الأميركي المتواصل للإرهاب في سورية، والاستخدام الرخيص للأدوات الممثلة لهذا الإرهاب لمنع أي حل سياسي لا يتوافق مع الأجندات الصهيونية والأميركية، وهذا ما يعكسه لسان المتحدثين باسم رعاة الإرهاب خلال أي اجتماع أو جولة حوار في جنيف أو آستنة، وذات الشيء نلاحظه على صعيد الاستهداف المتواصل للجمهورية الإسلامية الإيرانية ومحاصرتها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، والمحاولات المستميتة لتشويه صورة المقاومة الوطنية اللبنانية والعمل على “شيطنتها”، بالإضافة أيضاً إلى الخطوات المتسارعة لابتلاع ما بقي من حقوق للشعب الفلسطيني، وكل ذلك يدل على أن النهج العدواني هو أحد الركائز الأساسية التي تحكم السياسة الأميركية، ولكن هل سيكون بمقدور الولايات المتحدة والسائرين في ركبها الإرهابي كسر إرادة المقاومين لسياساتها التخريبية؟.. تجارب الصمود السوري والإيراني تثبت العكس تماماً.
نبض الحدث – ناصر منذر