موسيقانا العربية .. أبحاث ودراسات ضلت طريقها

الثورة أون لاين – علي الأحمد:

لا نعلم في حقيقة الأمر، الفائدة المرجوة من تحبير مئات البحوث والدراسات سنوياً، حول فنون الموسيقا العربية، قديماً وحديثا ، حيث تتراكم هذه البحوث من دون أن تكون قابلة للتنفيذ وتظهيرها بالشكل الأمثل، في الحياة الموسيقية العربية المعاصرة، التي باتت تئن تحت وطأة البُعد التجاري الاستهلاكي المريض ،من دون الاستفادة المرجوة من نتائجها وتوصياتها المهمة في تفعيل هذه الحياة، بعيداً عن ما هو سائد ومطروح.
وفي حقيقة الأمر، لا بد من التذكير هنا بهذا المنجز الفكري والإبداعي، الذي قام به حكماء وعلماء هذا الفن على مدى سنوات طويلة بدءاً من انعقاد أول مؤتمر تأسيسي للموسيقا العربية في القاهرة عام 1932 وما تلاه من مؤتمرات قدمت توصيات في غاية الأهمية، لو نفذ بعضها ولا نقول كلها لأصبحت موسيقانا في مصافي الموسيقات الراقية في العالم، نعم تقدم الآخرون علينا، بفضل الاستخدام المعرفي المنهجي، للعلوم الغربية المتقدمة، وتثوير البنية الداخلية لموسيقاهم انطلاقاً مما هو ناجز وراسخ، أي من عناصر هويتهم الموسيقية الوطنية، لا فرضاً تعسفياً من الخارج، كما هو حال موسيقانا العربية اليوم بما ألحق ضرراً كبيراً وعميقاً في بنيتها والنيل من تقاليدها وعناصر الإبداع فيها، حين تفّهم البعض ممن افتتن وتوّلع بالغرب بشكل ينمّ عن قصور معرفي وفكري، على أن التجديد المنشود لا بد وأن يمرّ عبر نسف هذا المنجز المحقق وتجاوزه نهائياً، لكونه – وفق ما يزعمون – لم يعد يتماشى مع روح العصر وإيقاعه والتماهي مع موضاته وصرعاته الموسيقية العابرة، لكن هل بالفعل لم تكن هناك محاولات جريئة لتخصيب هذه العناصر الوطنية بشكل معرفي وعقلاني؟ بالطبع كان هناك تجربة حداثية عظيمة قامت بدايات ومنتصف القرن الماضي مع الحداثي الأول في موسيقانا العربية، “سيد درويش” ذاك الشيخ المعمم الذي انطلق بمشروعه الحداثي الواعد من تراث وإرث وميراث موسيقاه العربية التي دافع عنها بإخلاص ووفاء نادرين، وهو الذي كان يوقع أعماله ومؤلفاته الموسيقية المهمة “بخادم الموسيقا العربية “، هذا المشروع التنويري الكبير الذي لم يكتمل بسبب رحيله الخاطف، تبناه أيضاً أعلام كبار من الرعيل الأول ممن حاز الفكر والمعرفة الموسيقية المتقدمة، متابعين المسار والمسير ، نحو كل ما يثري ويغني هذا الفن الأصيل عبر كل الأدوات والعلوم المتقدمة المتاحة واضعين نصب أعينهم أهمية الحداثة المعرفية في ارتقاء البناء الموسيقي العربي الأصيل ،من دون أن يؤثر ذلك في خصوصية ومكتسبات الهوية الموسيقية العربية بمدلولاتها الفكرية والثقافية، وبقي الأمر على ما هو عليه، إلى أن دخلت على موسيقانا العربية عناصر غربية غريبة وشاذة على الأذن والذائقة العربية، عمدت بشكل أو بآخر إلى نسف كامل البناء والتقاليد الموسيقية العريقة بفعل حمى التغريب التي اجتاحت كل موسيقات الشعوب قاطبة، وبالطبع لم تنأً موسيقانا عن موجاتها التي جرفت معها أغلب المنجز المحقق وبالتالي أصبحت موسيقانا غريبة الوجه واللسان، ترطن بلكنة غريبة عن ذائقة المتلقي العربي وخاصة مع تمدد هذه اللغة التجارية الهابطة، التي ابتدأت كما هو معلوم عبر أغاني “الفرانكو آراب” وما تلاها من محاولات لتفريغ هذا الفن من مضامينه الروحية والوجدانية ، عبر نتاجات العولمة وما بعدها، والتي يضيق المجال هنا لذكر تأثيراتها السلبية على خصوصية ومكتسبات هذا الفن العريق، يكفي أن نذكّر هنا بالمسار المغاير الذي تسير به موسيقانا اليوم، عبر تبني لغة التقليد واستنساخ الآخر كما هو على علاته من دون إدراك لخطورة هذا الانقياد الأعمى نحوه والتصاغر في حضرته ،في تأبيد حقيقي لمقولة المفكر العربي” ابن خلدون” في ولع المغلوب بتقليد الغالب، وهذا يعني فيما يعنيه انطفاء جذوة الإبداع لدى الموسيقي العربي لأسباب كثيرة، يضيق المجال لذكرها هنا ،وبالتالي، تحول سمت ووجهة هذا الفن من بعُده الرسالي العظيم ،نحو تكريس لغة كسيحة فقيرة إلى حد الموات والخواء، على المستويين الذوقي والجمالي، ولا داعي لذكر الأمثلة على هذا الواقع المرير الكئيب، يكفي المرء ولو من باب تعذيب النفس أن يشاهد على مضض، حفلات المهرجين والدجالين والأدعياء عبر بعض المحطات الفضائية العربية العتيدة التي أصبحت تتنافس على الرداءة والانحطاط والعري الأخلاقي قبل الجسدي وكله له ثمن، وأي ثمن، حين يخسر المرء هويته وتاريخه وميراثه الروحي والوجداني في مقابل بعض من فتات ونجاحات وقتية زائلة وعابرة، على موائد العولمة المسمومة، ولا عزاء للفن الأصيل النبيل، اللعبة الآن مع كل أسف، للمال الأسود المفسد، الذي يدفع بسخاء للزمار كي يفرض لحنه الكئيب على الجميع ؟!.

آخر الأخبار
وزير المالية: محادثاتنا في واشنطن أسفرت عن نتائج مهمة وزارة الرياضة والشباب تطوي قرارات إنهاء العقود والإجازات المأجورة لعامليها طموحاتٌ إيران الإمبريالية التي أُفشلت في سوريا تكشفها وثائق السفارة السرية خبير اقتصادي لـ"الثورة": إعادة الحقوق لأصحابها يعالج أوضاع الشركات الصناعية عمال حلب يأملون إعادة إعمار المعامل المتضررة مركز التلاسيميا بدمشق ضغط في المرضى وقلة في الدم الظاهر: نستقبل أكثر من ٦٠ حالة والمركز لا يتسع لأك... استمرار حملة إزالة البسطات العشوائية في شوارع حلب الأونروا: لم تدخل أي إمدادات إلى قطاع غزة منذ أكثر من 7 أسابيع صحة حلب تتابع سير حملة لقاح الأطفال في منبج هل سيضع فوز الليبراليين في انتخابات كندا حداً لتهديدات ترامب؟  بمبادرات أهلية تركيب 60 جهاز إنارة لشوارع دير الزور غرق عبارتين تحملان شاحنات بنهر الفرات الثورة" على محيط جرمانا.. هدوء عام واتصالات تجري لإعادة الأمن العفو الدولية": إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية في غزة ويجب محاسبتها   العراق تدعو لتسوية تضمن وحدة سوريا واستقراها 90 ألف غرسة مثمرة والخطة لإنتاج 69 ألف غرسة أخرى في القنيطرة ثانوية جديدة للعلوم الشرعية في طفس تعاون هولندي ومشاريع قادمة لمياه حلب بحث احتياجات حلب الخدمية مع منظمة UNOPS   المخابز تباشر عملها في درعا بعد وصول الطحين