مرت في 5 كانون الأول ذكرى ولادة المطربة الكبيرة فايزة أحمد (1930) التي قدمت أجمل الأغاني وعبرت بصوتها الساحر، وأدائها المتقن عن أحلى معاني الشجن وأجمل أشكال المحبة، ولولا المرض الذي صارعته وانتهى برحيلها في 21/9/1983 لكانت الأغنية العربية قد شهدت المزيد من الروائع الغنائية والموسيقية، بعد أن غنت ألحاناً لجميع الملحنين الكبار.
ولا تكاد تذكر فايزة أحمد حتى يذكر معها رفيقها في رحلة الفن والحياة الموسيقار الكبير محمد سلطان باعتباره الملحن الأساسي، الذي قدم لها أروع الألحان ومنها: العيون الكواحل، أخذ حبيبي، قول لكل الناس، وتعالى شوف، مال علي مال، ياما يا هوايا، أحلى طريق في دنيتي، فين حبيبي ألاقيه، نقطة الضعف، علمتني الدنيا، خليكوا شاهدين، دوبني دوب ياهوا، العيون الكواحل، لقيتك فين، غريب يازمان، قاعد معايا، وغيرها كثير.
مع العلم أن الجمهور يعرف روائع هذا الموسيقار، التي يعجز عنها كبار الملحنين، ولكن لايعرف اسمه ومكانته كواحد من كبار الملحنين في القرن العشرين. وقد يكون الموسيقار الكبير محمد سلطان من أكثر الملحنين مشاركة في التمثيل، حيث شارك في بداياته بتسعة أفلام سينمائية، رغم وصوله بعد سنوات قليلة من دخوله عالم السينما إلى الصف الأول بين كبار الممثلين العرب، لم يجد نفسه في التمثيل، فاتجه نحو الغناء والتلحين وسجل بعض الاسطوانات بصوته.
ولقد تناسى محمد سلطان نقطة الوصول إلى مصاف الممثل السينمائي الذي يلعب أدوار البطولة الأولى، وعاد للانطلاق من نقطة الصفر، في عالم التلحين بعد أن سجل نهايته الحقيقية كممثل ومطرب، حيث امتلك القدرة على التوليد اللحني والايقاعي، ولم تكن فايزة أحمد التي شكل معها ثنائياً فنياً، مثله الأعلى صوتياً فحسب، بل كانت أيضاً مثله الإنساني الأعلى، ولقد عبر بالنغمة الحية عن أحاسيسه تجاه صور الذكريات والتراث كمنطلق لخطه التطويري في صياغة الجمل اللحنية والتراكيب الإبداعية.
رؤية- أديب مخزوم