الثورة أون لاين – فردوس دياب:
يبدا التحصين الذاتي للإنسان من الأسرة فهي كما قال السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته بجامع العثمان الوحدة الأصغر في المجتمع ، وهي الحامل لكل العادات والتقاليد والثقافات ، ولكل ما يتعلق بالهوية .
وانطلاقاً من هذا التوصيف الدقيق لسيد الوطن تعد الأسرة المنهل الأول الذي يستقي منه الإنسان كل معارفه وثقافته وقيمه التي تتحول فيما بعد إلى ثوابت متجذرة في أعماق شخصيته وعلاقاته مع الآخرين .
من هنا كانت الأسرة ولاتزال من أهم الأمور المحصنة ليس للفرد وحده بل للمجتمع بأسره ، لأن الفرد سرعان ما ينقل ما تربى وترعرع عليه من ثقافات وأفكار إلى المحيط الذي حوله والذي سيعيش فيه بالمستقبل ، فإن كانت تلك الثقافات والأفكار التي نشأ عليها في أسرته تنضوي تحت عناوين الفعل والحالة الإيجابية فإنها بلا شك سوف تؤدي دورها الايجابي الفاعل في المجتمع لجهة تأثيرها الإيجابي الكبير في الأشخاص المحيطين (المدرسة والجامعة ومكان العمل ) ، والعكس صحيح فإذا كانت تلك الثقافات والأفكار التي تلقاها الفرد في أسرته سلبية ومفككة وغير متماسكة كان التأثير سلبياً في كل المخالطين له .
إن تلقين الطفل منذ نعومة أظفاره أسمى القيم والمبادئ والثقافات يعد من الأمور الهامة جداً والتي قد لا تظهر أثارها ونتائجها الإيجابية في المدى المنظور لكنها من المؤكد سوف تظهر في المستقبل مع تفاعل هذا الطفل الذي سوف يكبر مع محيطه وبقية أفراد مجتمعه ، لتشكل حصانة له وللوطن في آن معا .
لذلك يجب التأكيد على أن تحصين الوطن يبدأ من الأسرة التي يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في تربية الأبناء تربية وطنية تتناسب وتتماهى مع قيم وثوابت ومبادئ وقضايا الوطن ليتمكن الأبناء من خلالها من الدفاع عن وطنهم في أي مكان وفي أي منبر وفي أي معترك ، وأيضا لكي يتمكنوا من خلالها التصدي لكل محاولات أعداء الوطن ضرب المفاهيم والقيم الوطنية التي يسعى اعداؤنا لتشويهها وتزويرها واقتلاعها من جذورها .
إن دور الآباء والأمهات في هذه الظروف الصعبة التي تلف وطننا يصبح مضاعفاً واستثنائياً ، لجهة تنشئة أبناء وأجيال تنشئة صالحة محصنة من كل الآفات والأمراض المجتمعية وترتكز على مبادئ وقيم حقيقية لا على أفكار وثقافات مستوردة وغريبة عن مجتمعاتنا ، أجيال لا يمكن للفساد والاستغلال والخيانة أن تتسلل إلى عقولها وأفكارها وسلوكياتها .
إن التربية الأسرية الصالحة تجعل من كل فرد في المجتمع جندياً في المكان الذي يعمل ويتواجد فيه ، جندياً مدافعاً عن وطنه ، ومتصدياً لكل محاولات الإساءة والتخريب التي يتعرض لها ، سواء أكانت تلك الإساءة عن جهل أو تجاهل أو كانت بشكل مقصود ومتعمد من أعداء الوطن في الخارج