عناوين عريضة أطلقتها الجهات الحكومية خلال الأعوام القليلة الماضية، لضبط التهريب الذي انتشر بشكل كبير خلال سنوات الحرب ومنها “حملة مكافحة التهريب لجعل سورية خالية من التهريب خلال العام ٢٠٢٠”. وها هو العام ٢٠٢٠ يرحل وحجم المواد المهربة تغزو أسواقنا وعلى مقربة من الإدارة المسؤولة عن مكافحة التهريب وكل ما رأيناه ونراه مجرد حملات إعلامية لم تترك أي أثر إيجابي على أرض الواقع. حملة المداهمة التي شهدتها أسواق مدينة دمشق مؤخراً، أكدت وبالدليل القاطع حجم المواد المهربة من مصادر متعددة وتحديداً من تركيا فكل ما تريده تجده حتى لبن العصفور كما يقال. والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا حققت تلك الحملات المتتالية خلال السنوات الثلاث الماضية ؟ وهل بالفعل كان لها دور رادع في تجفيف منابع التهريب؟. قد يقول أحدهم إن مكافحة التهريب يجب أن تكون من خلال منع دخول أي مادة من منافذها الرئيسية أي عبر الحدود، وهو المكان الطبيعي للعناصر الجمركية للقيام بمهامها قبل دخول تلك المواد وخروجها، فالتهريب ليس فقط ما يدخل خلسة إلى أسواقنا، والعملية باتجاهين وخاصة ما يخرج منها وتحديداً المواد المدعومة التي تنفق الدولة عليها مئات الملايين إضافة إلى المواد والسلع المنتجة محلياً خاصة والأمثلة كثيرة ولسنا هنا بصدد تعدادها. المشكلة ليست بكثرة الحملات ولا بالخطط والاستراتيجيات التي تم وضعها، وإنما بملاحقة التهريب الذي أسهم بتدمير اقتصادنا الوطني بل وبضياع مئات الملايين على خزينة الدولة، فالتهريب هو الوجه الأسود كونه يشكل بيئة طاردة للاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء خاصة أن تلك السلع التي تدخل أسواقنا رخيصة الثمن الأمر الذي يؤثر على السلع المنتجة محلياً. لذلك نحن بحاجة إلى آليات حقيقية للقضاء على هذه الظاهرة التي ترتبط بشكل وثيق بالفساد فهما وجهان لعملة واحدة، والأمر يحتاج أيضاً إلى توسيع المظلة التشريعية من خلال قوانين تشكل مقدمات صحيحة لنتائج صحيحة للتقليل من الفاقد الاقتصادي الذي يسببه التهريب على التنمية والإنتاج المحلي.
الكنز – ميساء العلي