الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
تخوض مجتمعاتنا صراعات وجود لا حدود مع مظاهر الليبرالية الغربية المتوحشة التي تريد النيل منا والفتك بأوطاننا وفكرنا وثقافاتنا، وهي تستخدم شعارات حق يراد بها باطل، فأمريكا والغرب كعادتهما يستخدمان الديمقراطية من أجل الهيمنة على الشعوب، وحقوق الإنسان من أجل شن الحروب واحتلال الدول.
هذه الليبرالية الجديدة التي أشار إليها السيد الرئيس بشار الأسد خلال لقائه بعلماء الدين في جامع العثمان بدمشق مؤخراً، هي أسلوب عدواني أو وجه جديد تستخدمه قوى الهيمنة والعدوان الغربية ضد وطننا وأمتنا منذ خمسة عقود من الزمن بشكل خبيث، وينتشر كالسرطان ليهيمن على واقعنا الفكري والاقتصادي، ويقتل ثقافتنا وفكرنا، ويطمس هويتنا.
عدوان يهدف إلى تجريدنا من انتمائنا وعزلنا وعزل أجيالنا عن وشائج تربطهم بأمتهم وثقافتها وفكرها ولغتها، التي تكسبهم عوامل القوة والثبات، وذلك عبر خلط المفاهيم واستخدام مصطلحات تناسب أهداف الغرب ومشروعاتهم في الغزو والعدوان والاحتلال والهيمنة والسيطرة على الثروات.
كما تريد الليبرالية الغربية المتوحشة من خلال تعاليمها وفرض أفكارها فصل الإنسان عن أي مبادئ أو قيم أو انتماءات أو عقائد من أجل الوصول إلى أهدافها، فهي تسوق للزواج المثلي وأفكار شاذة عن القيم والأخلاق المتعارف عليها في مجتمعاتنا، فمثلا أن الطفل يولد لا ذكر ولا أنثى وهو يختار لاحقاً جنسه، وهو يتناقض مع إنسانية الإنسان، كما تروج للمخدرات وتشرعنها، وتستهدف الدين الذي جاء لتكريس إنسانية الإنسان، وترفض العقائد، وتطلب من الإنسان التمرد عليها.
كما تحول المرجعية الجماعية (الأسرة والأهل والمجتمع) إلى المرجعية الفردية، فهي تريد انسلاخ الفرد عن القيم المجتمعية والأسرية، وتريد إفراغ المجتمعات من جوهرها الفكري العقائدي وتسطيح التفكير وإفراغ العقول من محتواها القيمي، وحرف الدين عن مبتغاه الصحيح، وإطلاق العنان للفكر المتطرف ودفع الجيل الشاب نحو الفكر الغربي والخروج عن القيم والثقافة والتراث التي تربط الجيل بتاريخه ووطنه وأمته وفكرها وعقيدتها.
لذلك لا نستغرب أن من أوجه الحرب على سورية هو وجه فكري يستهدف الفكر والدين والعقيدة الراسخة للمجتمع، إلى جانب الوجه العسكري من خلال الإرهاب والعدوان والاحتلال، والوجه الاقتصادي من خلال الحصار والعقوبات، واستهداف الدين والعقيدة لأنهما يمسان كل نواحي حياة المجتمع، فالدين يدخل بالحاضر والماضي والمستقبل، ويدخل بكل نواحي الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
لذلك استخدمت الليبرالية الغربية المتوحشة مصطلحات لخلط الأفكار وتعتيم الحقائق وإخفائها عن الأجيال، والتسويق لمصطلحات تراها مناسبة لأهدافها وممارساتها المتوحشة.
أمام هذا الواقع المشخص لتحدي الليبرالية الغربية المتوحشة، يعطي السيد الرئيس بشار الأسد الحل، ويؤكد أن لا خيار أمام مجتمعاتنا و حكوماتنا وأجيالنا سوى التحصين الذاتي للفرد والأسرة والمجتمع في مواجهة ما يتعرضون له من غزو فكري واستهداف إعلامي مسيس يدخل البيت عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
فالأسرة هي الحاملة للعادات والتقاليد والثقافة، وبهذا تكون أساس التحصين المجتمعي، وهذا التحصين يتطلب امتلاك ناصية العلم والمعرفة وتمكين الأجيال من اللحاق بركب التقدم والتطور والدفاع عن ثقافتنا وعروبتنا ولغتنا وديننا.
بالعلم والمعرفة نقضي على الجهل، وبالسلوك الصحيح القائم على الأخلاق واستخدام المصطلحات الصحيحة نتمكن من الارتقاء بفكرنا وثقافتنا ونواجه مظاهر الضعف والانهدام والتراجع من أجل البناء عليها بنقاط مضيئة ترفع من شأن الوطن وتزيل عوائق تقدمه، وترتقي به.
