إدارة ترامب المنتهية صلاحيتها تراكم تهديدها ووعيدها بأن سياسة البلطجة والضغوط القصوى تجاه سورية لن تتغير مع قدوم خليفتها الجديدة الأشد غطرسة وعنصرية، والكيان الصهيوني يرفع من وتيرة اعتداءاته السافرة بضوء أخضر أميركي، ونظام الإخونجي أردوغان يتمادى بعربدته في المناطق التي يحتلها لتهجير السكان الأصليين من منازلهم وقراهم، ويمهد لنقل تحالفه العضوي مع الكيان الصهيوني كشريكين في العدوان والإرهاب، من السر إلى العلن، كمؤشر واضح يدل على نية رعاة الإرهاب في الانتقال إلى مرحلة أخرى من فصول العدوان على الشعب السوري.
أن تأخذ سورية حيزاً واسعاً من التصريحات العدائية للمسؤولين الأميركيين، وآخرها إقرار ما يسمى المبعوث الأميركي جويل روبرن، بأن حزمة العقوبات الأخيرة هي رسالة تشير إلى أن سياسة الضغوط بحدودها القصوى مستمرة ولن تتغير مع قدوم إدارة بايدن الجديدة، يعني أن الولايات المتحدة لا تزال تراهن على فائض قوتها الغاشمة، وعلى أدواتها وعملائها لترسيخ مشهد سياسي وميداني يتناغم مع أجنداتها الاستعمارية، لتثبيت نفوذها في المنطقة عبر البوابة السورية، لما تشكله سورية من مركز ثقل نوعي، له أهمية كبيرة في التأثير على ميزان القوة في المنطقة، وعلى مسار الأحداث الجارية فيها، ومن هنا فإن الإرهاب الصهيوني المتواصل يأتي في إطار عملية تكامل الأدوار التي تؤديها منظومة العدوان تحت القيادة الأميركية لإبقاء سورية في مرمى الاستهداف الدائم، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، وهذا التناغم الحاصل بين الاعتداءات الصهيونية والتركية يشير إلى أن ثمة تنسيقاً عالي المستوى بين الجانبين، واللص أردوغان اعترف للتو بأن العلاقات الاستخباراتية مع حكومة العدو الإسرائيلي لم تتوقف، وجرائمهما المشتركة بحق الشعب السوري لا شك أنها الترجمة الفعلية لتلك العلاقات الوطيدة، فإذا كان هذا “الإخونجي” المخادع شريكاً لحكام الكيان الغاصب في تصفية الوجود الفلسطيني رغم ادعاءاته الكاذبة بالدفاع عنه، فكيف لا يكون شريكاً، أو بالأحرى أجيراً لهم في العدوان والإرهاب على الشعب السوري، وهو في الأصل -أي أردوغان- الأداة التنفيذية للمشروع الأميركي والصهيوني في المنطقة.
رغم كل الوعود الانتخابية التي أطلقها بايدن في العمل على إصلاح ما أفسده وخربه ترامب على مسار العلاقات الدولية، إلا أنه بات من المؤكد أن استراتيجية إدارته الجديدة لن يطرأ عليها أي تعديلات جوهرية، وإنما بعض التغيرات التكتيكية، وهذا ما أشارت إليه الكثير من تصريحات طاقم إدارته، والعديد من المسؤولين الأميركيين، ويكفي اللهجة العدائية الأميركية ضد الشعب السوري، لتكون مؤشراً قوياً على مواصلة بايدن للنهج العدواني والإرهابي الذي يحكم سلوك البيت الأبيض، ليس تجاه سورية وحسب، وإنما تجاه العديد من دول العالم، لا سيما أن طبيعة النظام العالمي الجديد، تتحدد ملامحه اليوم من خلال الصمود السوري، وهذا ما يؤكده الكثير من الخبراء والمحللين السياسيين الدوليين، حيث إمكانية النيل من سورية وإضعافها هو من منظور الدول المعادية المفتاح الرئيسي لتخريب ساحات المنطقة ككل، وإعادة رسمها وفق الأطماع الأميركية والصهيونية والغربية، وباعتبار أن سياسة الولايات المتحدة الخارجية تحددها الحكومة العميقة، فإن بايدن لن يخرج عن هذه القاعدة، وسيتعامل مع إرث إدارة ترامب كقاعدة انطلاق جديدة، لاستكمال ما وصلت إليه من زرع الفوضى والعنف الناتجة عن دعم الإرهاب للاستمرار في عملية تهديد استقرار الدول وزعزعة أمنها لتثبيت سياسة الهيمنة الأميركية على العالم.
نبض الحدث-بقلم أمين التحرير- ناصر منذر