تتسم التصريحات الصادرة عن مسؤولي الولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي وخاصة العسكرية منها على نوع من الاستعراض العدواني لكل دول المنطقة وليس فقط الدول التي تقف ضد مخططاتهم الخطيرة.
إن هذه الضغوط والتهديدات لا تقتصر على الجانب العسكري وتتنوع بين الترغيب والترهيب والتهويل بحسب ما يخدم المصالح الأميركية – الإسرائيلية عامة لا غيرها مستندة إلى الواقع العربي الرسمي المنقسم أفقياً وعمودياً.
يتسق تصريح الناطق باسم جيش العدو هيداي زيلبرمان لموقع “إيلاف” السعودي مع التوصيف آنف الذكر حيث وسع مروحة تهديداته لتشمل إيران والعراق واليمن وسورية ولبنان والتي يتوقع حسب زعمه أن يتم استهداف كيانه من أراضيها ما يعني أن كل منطقة شرق المتوسط قابلة للاشتعال في أي مغامرة عسكرية إسرائيلية – أميركية حيث التوزيع الجغرافي للدول المعرضة العدوان موزعة على هذا الأساس.
تعلو أصوات أدوات الحروب العسكرية وأخبار الاجتماعات العاجلة والخطط الموضوعة على طاولات أصحاب القرار وفي مقدمتهم الرئيس الأميركي الخاسر في الانتخابات دونالد ترامب فوق كل شيء وهذا لا يعني أنها تعكس واقع اندلاع حرب أو عدمه.
فجأة ومن دون مقدمات تنحى خطر الفيروس الوبائي “كورونا” عن قمة الاهتمام العالمي رغم الإعلان عن سلالات جديدة من الفيروس أشد خطراً على حياة الإنسان وأبرز مؤشر على ذلك رفض الرئيس الأميركي التوقيع على قانون قدمه الكونغرس بقيمة 2.3 تريليون دولار كمساعدات لمتضرري فيروس كورونا وبالمقابل عقد اجتماع لكبار مسؤولي الأمن القومي في البيت الأبيض لبحث “خيارات ردع الهجمات على المصالح الأميركية “.
يشبه بعض المحللين والباحثين الحراك داخل إدارة ترامب بالحالة التي عاشتها نظيرتها في عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن إبان أحداث الحادي عشر من أيلول مع اختلاف في طبيعة الإحداث حيث تعرضت الولايات المتحدة هذا الشهر لأخطر وأوسع اختراق سيبراني لمؤسسات القيادة والسيطرة الإدارية والتكنولوجية والمالية الأميركية اعتبره الكثيرون أخطر من تدمير برجي التجارة العالمي.
إن الاختلاف الوحيد والجوهري بين الحدثين آنفي الذكر هو الواقع الدولي حيث يعم الانقسام داخل حلفاء واشنطن في أوروبا القديمة وعدم اهتمام أو حماس أي منهم للتورط في حرب معها يضاف إليه التطورات في مستوى المنافسة والقوة بين الدول الكبرى على الصعيد العالمي، فالوضع الروسي والصيني اليوم ليس كما كان في العام 2000 وحسابات واشنطن لا تتجاهل مثل هذه المعطيات وخاصة في منطقة تشهد تنافساً شديداً في أولوية المصالح مع الصين وروسيا.
انطلاقاً من هذا التحليل ستكون الولايات المتحدة وإسرائيل وحيدتان في أي حرب تشعلانها في المنطقة على الأقل في المرحلة الأولى والسؤال الذي يتم تداوله كثيراً في هذه الأيام هو من منهما تبدأ عملية إشعال فتيلها أولاً؟.
إن تحليل ما تسرب عن “خيارات الردع” التي خرج بها كبار مسؤولي الأمن القومي الأميركي وتم وضعها على طاولة ترامب والتي وصفت أنها “أعدت لتكون غير تصعيدية” حسب وكالة “رويترز” تؤدي إلى احتمالين الأول: أن هذه الحملة تأتي في إطار التحذيرات المسبقة والتحذيرية لإيران من مغبة استهداف المصالح الأميركية في ذكرى اغتيال الجنرال قاسم سليماني والثاني يتجاوز ذلك لتقوم واشنطن بالتعاون مع إسرائيل بشن عدوان محدود بهدف خلط الأوراق على المستوى الداخلي الأميركي أو خلق أوضاع جديدة على مستوى الملف الإيراني تمنع إدارة بإيدن من العودة الى الاتفاق .
لا شك أن الوقت يضيق أمام ترامب في مجال تمسكه بالفوز في الانتخابات وتغيير الواقع القائم قضائياً وأي تحرك تصعيدي على مستوى الأمن القومي سيرتبط بشكل وثيق مع حالة التماسك داخل إدارته والتي بدأت تتصدع نوعاً ما مع تسرب معلومات عن تنسيق خفي بين البنتاغون وفريق بايدن حول الرد على أي خيار يلجأ إليه الرئيس ترامب.
إن المخاوف الإقليمية والدولية من نشوب حرب جديدة في المنطقة في مكانها على الأقل في الأسبوع الأول من عام 2021 والتحركات العسكرية تزيد، وكل ذلك مرتبط بمدى تحقيق هذه الحرب لحسابات إدارة ترامب بالبقاء في البيت الأبيض من عدمه.
معاً على الطريق- أحمد ضوا