سوريا.. فسيفساء المجتمع وحتمية الدولة الواحدة

الثورة – منذر عيد:

 

تتكرر في الأوساط السياسية والإعلامية، وبعض المناطق في الجغرافيا السورية دعوات إلى إعادة رسم خريطة الدولة، سواء عبر الفيدرالية أو عبر مشاريع تقسيمية صريحة، وهذه الطروحات، وإن بدت للبعض حلولاً جاهزة للأزمات، تتجاهل الطبيعة العميقة للمجتمع السوري وخصوصية موقعه الجيوسياسي، ما يجعلها أقرب إلى الوهم منها إلى إمكانية التطبيق.

على خلاف الدول الفيدرالية التي قامت تاريخياً على أساس أقاليم متمايزة إثنياً أو جغرافياً مثل الولايات المتحدة وكندا وألمانيا وسويسرا، فإن سوريا لم تُبنَ على أسس كهذه، فبنيتها الديموغرافية عبارة عن فسيفساء متداخلة من قوميات متعددة (عرب، كرد، تركمان، آشوريون، أرمن) ومكونات دينية متنوعة (مسلمون ومسيحيون).

هذا التداخل الجغرافي والاجتماعي يجعل رسم حدود فاصلة بين هذه المكونات أمراً شبه مستحيل من دون اللجوء إلى ما يُسمى “الهندسة الديموغرافية” عبر التهجير القسري أو التطهير السكاني، وهو سيناريو محفوف بالمخاطر، يحمل في داخله بذور نزاعات مزمنة لن تنتهي بسهولة.

إلى جانب تركيبتها السكانية، تتميز سوريا بموقعها المحوري؛ فهي حلقة وصل بين آسيا الصغرى وبلاد الرافدين وبلاد الشام، وأي تفكيك لها، لن ينتج كيانات قابلة للحياة، بل مناطق ضعيفة ومشرعة أمام التدخلات الخارجية، بما يحوّلها إلى ساحات نفوذ متنازَع عليها إقليمياً ودولياً، إن جغرافية سوريا ليست مجرد خط على الخريطة، بل عامل قوة يفرض بقاءها دولة موحدة.

الحل الواقعي لا يكمن في تقطيع الجغرافيا السورية، بل في إعادة النظر في نمط الإدارة، من خلال توسيع صلاحيات المحافظات لتمكينها من إدارة مواردها وخدماتها- سواء في التعليم أو الصحة أو التنمية المحلية- ما يمكن أن يشكل مخرجاً فعّالاً يحقق التوازن بين احترام الخصوصيات المحلية والحفاظ على وحدة الدولة، أما القضايا السيادية الكبرى، من الدفاع والسياسة الخارجية والاقتصاد، فيجب أن تبقى في يد المركز، ضماناً لصلابة الكيان السياسي.

السيد الرئيس أحمد الشرع أشار في لقاء حواري مع وجهاء محافظة إدلب، بحضور وزراء وسياسيين، إلى أن معركة توحيد سوريا بعد سنوات الحرب “يجب ألا تكون بالدماء والقوة العسكرية”، هذه العبارة تختزل جوهر المرحلة المقبلة، بأن استعادة الوحدة الوطنية لا تُبنى على منطق الغلبة العسكرية، بل على الحوار والتسويات السياسية التي تضمن مشاركة جميع المكونات.

إن أي انزلاق نحو مشاريع تقسيمية أو فيدرالية مفروضة بالقوة سيقود سوريا إلى دوامة من الصراعات المزمنة، أشبه ببركان لا يهدأ، فالانقسام لن يخلق كيانات مستقرة، بل جزراً متناحرة يسهل ابتلاعها في لعبة النفوذ الإقليمي والدولي، والحفاظ على وحدة الدولة ليس خياراً سياسياً فحسب، بل هو شرط وجودي لبقاء سوريا على الخريطة، وأي تفريط في هذه الوحدة يعني ببساطة فتح الباب أمام انهيار الكيان الوطني وتحويل الأرض السورية إلى ساحة صراع دائم لا يعرف نهاية.

آخر الأخبار
"الأوقاف" تعيد "كندي دمشق"إلى المؤسسة العامة للسينما  سوريا و"الإيسيسكو" تبحثان التعاون العلمي وحماية التراث الثقافي في سوريا  الاقتصاد تسمح باستمرار استيراد الجلديات وفق شروط "فسحة أمل" بدرعا ترسم البسمة على وجوه الأطفال المهجرين   عشائر عرب السويداء:  نحن أصحاب الأرض و مكون أساسي في السويداء ولنا الحق بأي قرار يخص المحافظة  المبيدات الزراعية.. مخاطرها محتملة فهل تزول آثارها من الأغذية عند غسلها؟ "العقاري" على خُطا "التجاري" سباق في أسعار السلع مع استمرار تصاعد سعر الصرف "الموازي" النباتات العطرية .. بين متطلبات الازدهار وحاجة التسويق 566 طن حليب إنتاج مبقرة فديو باللاذقية.. والإنتاج بأعلى مستوياته أولمبي كرتنا يواصل تحضيراته بمعسكر خارجي ومواجهات ودية حل فعال للحد من مضاربات الصرافة.. مصرفي : ضبط السوق بتجسير الهوة بين السعرين رسمياً المواس باقٍ مع الشرطة الرئيس الشرع يستقبل البطريرك يازجي .. تأكيد على ترسيخ أواصر المواطنة والتآخي شركات التأمين .. الكفاءة المفقودة  ! سامر العش لـ"الثورة": نحن أمام فرصة تاريخية لتفعيل حقيقي  للقطا... "ممر زنغزور".. وإعادة  رسم الخرائط في القوقاز الإنتاج الزراعي .. مشكلات "بالجملة " تبحث عن حلول  وتدخلات الحكومة خجولة ! أكرم عفيف لـ"الثورة": يحت... قبل خسارة صناعتنا.. كيف نستعيد أسواقنا التصديرية؟ رئيس الوزراء اللبناني يؤكد ضرورة بناء علاقة سوية مع سوريا محاولات تقسيم سوريا.. وهمٌ سيقود أصحابه للانتحار