الثورة- فؤاد الوادي
جملة من الأحداث المترابطة تواترت في المشهد السوري خلال الأيام القليلة الماضية، فيما يمكن اعتباره أنه موجة جديدة من التصعيد ضد الدولة السورية امتداداً للمحاولات اليائسة والبائسة السابقة والتي لا تزال تقوم بها بعض الأطراف المتوهمة أو الحالمة بالتغريد خارج سماء الوطن.
البداية كانت مع الهجمات التي قامت بها قوات “قسد” على مواقع للجيش العربي السوري، ثم تحولت تلك الهجمات، إلى اعتداءات مستمرة على المدنيين، تباينت بين الاعتقال والضرب والإهانات، وقبل ذلك بأيام قامت مجموعات من فلول النظام البائد في ريفي اللاذقية وطرطوس، بمهاجمة قوات الجيش واستهداف آليات عسكرية، وذلك بعد أشهر من الاستقرار والهدوء في الساحل السوري بشكل عام على إثر تعزيز انتشار وحدات من الجيش والأمن العام في عدد من المناطق الريفية والحدودية.
وبالأمس، تجمع البعض في السويداء للمطالبة بالانفصال عن الدولة السورية.. مجرد تواتر هذه الأحداث، بات، يؤكد أن هناك أيد خفية تحركها وتقف وراءها، أيد تحاول العبث بأمن ووحدة واستقرار سوريا التي يريدها أعداؤها ضعيفة لتحقيق وتنفيذ طموحاتهم ومشاريعهم الاحتلالية والتقسيمية، لكن السياق التصعيدي الممنهج الذي تقوم به تلك الأطراف، بات يهدد أمن الشعب السوري بكل أطيافه ومكوناته، ليس هذا فحسب، بل إنه يأخذ المنطقة برمتها نحو منعطفات خطيرة جداً، قد تشرع الأبواب على مصراعيها على كافة الاحتمالات والمواجهات الكارثية.
السيد الرئيس أحمد الشرع كان واضحاً وحاسماً وحازماً، عندما قال أمس خلال جلسة حوارية مع أكاديميين وسياسيين وأعضاء من النقابات المهنية والوجهاء في محافظة إدلب: إن هناك قواعد عامة رسخت في سوريا ونالت مباركة جميع الدول الإقليمية والكبرى، تتمثل في وحدة الأراضي السورية وحصر السلاح بيد الدولة، وهذه البنود متفق عليها محلياً وإقليمياً ودولياً، وغير قابلة للمساومة”.
الرئيس الشرع، لم يتوقف عند هذا الحد، بل أضاف “من يطالب بالتقسيم في سوريا جاهل سياسي وحالم، والمجتمع في سوريا غير قابل للتقسيم، ويرفض فكرة التقسيم”، مؤكداً أن عوامل وظروف التقسيم في سوريا غير متوافرة لدى أي طرف، وأنه لا توجد مخاطر حقيقية للتقسيم، وإنما هناك رغبات لدى بعض الناس في محاولات إنشاء كانتونات محلية داخلية، ولكن هذا الأمر مستحيل أن يحدث.
وأشار الرئيس الشرع إلى وجود أطراف دولية لا تريد لسوريا أن تكون قوية، ولذلك تحاول ضرب أهم أساس فيها وهو وحدتها الداخلية.. وقال: “إن استقواء بعض الأطراف بإسرائيل، أمر صعب جداً؛ فالمنطقة الجنوبية ذات كثافة بشرية وأي عدو يريد الدخول إليها سيضطر أن يضع شرطياً على باب كل بيت، وهذا الشيء صعب في واقع الحال”.
وتابع: “أسقطنا نظام الأسد في معركة تحرير سوريا وأمامنا معركة توحيدها”.. ما ينطبق على الجنوب السوري ينطبق على الشمال السوري، حيث تقسيم سوريا خط أحمر، وتداعيات هذا الأمر قد يؤدي إلى تأجيج حرب إقليمية، ولعل تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الأخيرة يوم الأربعاء، تندرج في هذا الإطار، والتي كانت بمنزلة إنذار نهائي لقسد، من أجل حثها على التخلي عن آمال التعاون مع إسرائيل ضد دمشق واحترام اتفاقها على الاندماج مع الحكومة السورية.
الدولة السورية لا تزال تفتح أحضانها لكل الأطراف تحت سقف وثوابت الوطن، بعيداً عن الانجرار وراء مشاريع وأجندات لم تكن يوما سوى مجرد أضغاث أحلام، يحاول الإسرائيلي وغيره ابتزازها والاستثمار فيها بمزيد من سفك دماء السوريين الذي سيكونون وحدهم الخاسرين إن دخلوا في تيه وجحيم التقسيم والتفتت.
وكانت المملكة الأردنية الهاشمية استضافت الأسبوع الماضي اجتماعاً أردنياً سورياً أميركياً مشتركاً، لبحث الأوضاع في سوريا، بما يضمن أمنها واستقرارها وسيادتها ووحدتها وعدم التدخل بشؤونها.
وجاء الاجتماع الذي شارك فيه وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، والمبعوث الأميركي الخاص لسوريا توماس باراك، ومُمثّلون عن المؤسسات المعنية في الدول الثلاث؛ استكمالًا للمباحثات التي كانت استضافتها عمان بتاريخ 19 تموز 2025 لبحث تثبيت وقف إطلاق النار في محافظة السويداء جنوب سوريا وحل الأزمة هناك.
وأكّد المُجتمِعون أن محافظة السويداء بكل مجتمعاتها المحلية جزء أصيل من الجمهورية العربية السورية، محمية ومحفوظة حقوق أبنائها في مسيرة إعادة بناء سوريا الجديدة نحو مستقبل منجز آمن لكل مواطني الدولة السورية، وبما يضمن تمثيلهم وإشراكهم في بناء مستقبل سوريا.