عندما يحتفي العالم كله بالميلاد المجيد, فثمة مكان يجب أن تشخص إليه الأبصار لترى ملامح الاحتفاء ليس ليوم, وليال, ولا لفترة من الزمن, إنما لدهر وتاريخ, ومحطات يجب على العالم كله أن يتمعن بها, ويقرأ رسالة من يحوك من جراح جسده ووطنه قميصاً ليرتي جراح الكون كله و ليرمم ما تمزق من الإنسانية التي افتداها (المسيح) الفدائي الأول, والسوري المولد والنشأة والعطاء, والباذل دمه من أجل الإنسانية .
اليوم, كما كان السوريون منذ أن كان الميلاد, هم صناع الفرح, صنّاع الأمل والثقة بالغد والقدرة على اجتراح الحلول, والمضي قدماً في كل مسيرات الكرامة, لم يهادنوا محتلاً أو غاصباً يوماً ما, ولم يبخلوا للحظة واحدة بما لديهم ليكون زاداً لهم ولغيرهم, حتى من خان الماء والخبز والقمح, ووقف على الحياد, لم يلتفت إليه السوريون, ويحاسبونه على ما فعل.
وفي مشهد الوداع الذي يمضي إلى عام جديد, لايمكن للمتابع أن يقول: إن القيم العالمية ومبادئ السياسة الدولية ما بخير, وإذا ما استمر هذا المشهد من النفاق ومحاباة العدوان, أينما كان وكيفما كان, فالصدع العالمي يزداد شرخاً وعمقاً, ولايمكن أن يبقى دون تبعات خطرة جداً, فهل يمكن لعاقل في العالم أن يصدق احتفاء الدول الغربية بالميلاد,ومعانيه وهي التي تمد الإرهاب بكل أسباب وجوده؟.
هل يمكن أن يصدق المتابع أن أصحاب الخوذ البيضاء -بعد كل ما ظهر من جرائمهم – هم ضيوف ألمانيا, وتحت رعايتها, وماذا عن واشنطن التي تحصي أنفاس السوريين وتتباهى أنها فرضت وسوف تستمر بفرض المزيد من العقوبات عليهم, ولربما حتى الهواء لو استطاعت لقطتعه!!.
وحدهم السوريون, ومعهم من يؤمن بميلاد القيم وميلاد المحبة والفعل الخصب تواصلاً وتفاعلاً إنسانياً, هم من يعنيهم الاحتفاء, ليس مظهراً عابراً, إنما على درب آلام المسيح عليه السلام, ولن يحيدوا عن درب الفدائي الأول, ولابد أنّ فجراً نقياً سيعيد فرحة الميلاد إلى بهائها وعطرها.
البقعة الساخنة- بقلم أمين التحرير ديب علي حسن