الملحق الثقافي – رشا سلوم:
من جديدٍ، يطلُّ الأدب الصوفي ويحتل مكانته التي يجب أن تبقى حاضرة في زمن الطغيان المادي الذي لم يترك فسحة للقيم الروحية ..
كتابُ “الأسرار” بترجمة متميزة قدمها الدكتور “علي عباس زليخة” وصدرت عن دار التكوين بدمشق، ومن المعروف أن العديد من الترجمات صدرت لأعمال العطار، وهو الصوفي الذي قدم الكثير من الأعمال المهمة ..
عن أعماله هذه، تذكر الدراسات الكثيرة أنه يقول في منظومة «خسرو وكل»: “إن من الناس من رماه بالثرثرة”، ويقول في «منطق الطير»: قلت لقلبي: “أقِلَّ القولَ أيها الثرثار واطلب الحقيقة”. فأجاب: “أقلَّ اللوم فأنا في نار، وإن لم أنطق احترقت”، ويقول في «خسرو وگل»: “إن الذي يعيب أمثالي يقول”: “إنه ثرثار، ولكني عندي معانٍ كثيرة فلا جرم أكثرت القول، فلا تسمع إن شئت.”.
فهل كان “العطار” ثرثاراً حقاً؟. هو مكثر مطيل ولا ريب، لكن من يستحسن أن يسمي مثل “فريد الدين العطار” ثرثاراً؟.. نعم، إن المعاني مكرَّرة معادة في مواضيع كثيرة من كتبه، ولكنه فيضُ التصوف والشعر يُخرج من المعنى الواحد مئات الصور، والجذبات تغلبه على لسانه وبيانه.
يقول “دولتشاه”: “إن مثنويات “العطار” أربعون ألف بيت. ويقول مؤلف “آتش كده”: “إنها مائة ألف، وأنه عدَّ منها خمسين ألفاً”. ويقول “رضا قلى خان” في مجمع الفصحاء: “إنها أكثر من هذا”..
والشاعر نفسه عدَّد ثلاثة عشر كتاباً من كتبه ثم قال: “إن عدد أبيات هذه الكتب وكتبه الأخرى – وكلها أربعون كتابًا – مائتا ألف وألفان وستون بيتاً”، وكل كتب العطار منظومة إلا “تذكرة الأولياء” في تراجم الصوفية، وإلا مقدمة قصيرة لمنظومته “مختار نامه”.
وكُتب “العطار” يلتبس بعضها ببعض أحياناً، مثل كتابيه “وصيت نامه” و”وصلت نامه”، ويسمى كتاب من كتبه باسمين أحياناً، مثل كتابه “ميلاج نامه” فهو يسمى “حلاج نامه” أيضاً، وقد سمي جزء من «منطق» باسم خاص وجعل كتاباً مستقلًّاً اسمه “هفت وادي” أي الأودية السبعة، وهو القسم الذي يصف فيه الشاعر الأودية السبعة التي يقطعها المريد.
إن كثرة كتب “العطار”، أدت إلى أن تُنسب له كتب ليست له، مثل “كنز نامه” و”مفتاح الفتوح” كما نُسب إلى الغزالي والسيوطي وسواهما من أصحاب المؤلفات الكثيرة.
ويزاد على هذا كله اختلاف النسخ، وهو أمر شائع في كتب الأدب الفارسي حتى الكتب المعروفة المتداولة التي لقيت من عناية الناس حظاً عظيماً، فلا بدّ لدارس كتب “العطار” من المقابلة بينها وبين النقد، لتمييز صادقها من منحولها، وسابقها من لاحقها، وصحيح رواياتها من سقيمها، ولا يتسع لهذا كتابنا، ولا هو من مقصدنا هنا، فلقد اعتمدت في تفهم شعر “العطار” وتصوفه على الكتب التي لا شك فيها، والروايات الموثوق بها.
وفيما يلي ثبت ببعض كتب “العطار” أنه مقتصر على الكتب المتواترة، والكتب التي ذكرها المؤلف في ثنايا كتبه، مرتبة على الترتيب التاريخي، واعتمدت في تاريخ الكتب على ما ذكره الشاعر في خواتم بعض كتبه، وعلى ذكر بعضها في أثناء بعض:
“خسرو نامه، أسرار نامه، منطق الطير، مصيبت نامه، الديوان، شرح القلب.. إلهي نامه”.
29-12-2020
رقم العدد 1026