إذا كان هناك من عنوان رئيس يوصف الواقع الاقتصادي والمعيشي لأغلبية المواطنين خلال العام الحالي الذي نودعه غير آسفين في الساعات المقبلة فهو الغلاء الفاحش لكل مستلزمات الحياة من الغذاء وصولاً للنقل والمحروقات وليس انتهاء بالعقارات إيجاراً وشراءً.
ويبدو أن هذ المسلسل الطويل والصعب مستمر خلال الفترة القادمة في ظل الخطوات المتواضعة والقليلة الأثر المتخذة من الجهات المعنية لضبط حالة الفوضى والفلتان السعري الحاصلة بمختلف الأسواق، حتى إن الطلب الخجول من بعض المواطنين على شراء بعض المنتجات كالفروج واللحوم الحمراء قابله التجار والباعة بزيادة كبيرة على أسعارها من دون أي رادع من ضمير أو مسؤولية ندرك جيداً افتقاد أغلبيتهم لها.
ما أتاح الفرصة لهؤلاء بالتحكم والتلاعب بحركة المواد والسلع بالأسواق وغيرها من المنتجات، تكاسل وتقصير مؤسسات وجهات معنية في تأدية دورها المطلوب بمثل هذه الحالات التي باتت مكشوفة ومتوقعة، كأن تعزز الحكومة مخازين مؤسساتها التدخلية من هذه المواد لطرحها بالسوق عند زيادة الطلب، وهذا من أبسط الإجراءات الاقتصادية المفترض اتخاذها بهذا المجال وتكامل هذه الخطوة الغائبة مع إجراءات حازمة لجهة الرقابة على الأسواق من جميع الجهات المعنية بها وهي كثيرة وغير فاعلة، ويقتصر عمل عناصرها في أغلب الأحيان على استغلال أصحاب الفعاليات التجارية بأخذ أتاوات ثمنها غضّ الطرف على المخالفات الكثيرة والجسيمة التي سجلت خلال هذا العام الحالي وتجاوزت بكثير ما سجل بسنوات سابقة باعتراف الجهات المعنية.
وعلى الطرف المقابل لا تبدو جملة التوجهات والإجراءات الحكومية التي تدعمها بجولات وزارية هدفها الاطلاع المباشر على معاناة وصعوبات حياة الناس على مختلف المستويات، كما تعلن دائماً ذات نتائج كبيرة على حياة المواطن أو الفلاح أو الصناعي، والدليل استمرار شكاوى المزارعين والصناعيين من التعامل مع ملفات قطاعاتهم بجانب واحد بأغلب الأحيان وترك جوانب أخرى مكملة وداعمة من دون علاج وتردي الخدمات المقدمة للمواطن ولاسيما الواقع الكهربائي الذي لم يدرك المسؤولون بعد حجم الخسائر الكبيرة الناجمة عن قطعه لساعات طويلة.
ما ينتظره الناس التعامل مع قضاياهم وملفات أزماتهم التي ترحل من عام لآخر مع وعود من الجهات التنفيذية بأن يحمل العام القادم انفراجات في تلك الأزمات بمسؤولية أكبر تنظر بعدسة كبيرة للواقع وتعرف جيداً توجيه الجهد والإمكانات نحو الأكثر أولوية لتأمين الحل الأمثل والمستدام للانتقال لاحقاً لملف آخر ودون ذلك سنبقى ندور بحلقة مفرغة عديمة الجدوى.
الكنز-هناء ديب