الثورة أون لاين:
عاشت الرياضة في عام 2020 ظروفاً صعبة لم تقتصر فقط على التوقف لفترات بسبب تفشي فيروس كورونا، بل على فيروس أخطر وأكثر فتكاً بالبشرية والإنسانية وهو فيروس العنصرية الذي لم يفارق الملاعب الرياضية على مدى 12 شهراً.
عنصرية هنا وهناك
لم يمر شهر من عام 2020 من دون أن تتحدث وسائل الإعلام الرياضية في كل دول العالم ووسائل التواصل الاجتماعي عن حادثة عنصرية في الملاعب الرياضية خصوصاً تجاه اللاعبين، عبر رسائل نصية، عبر تهديدات علنية وعبر منشورات إلكترونية.
وتصدرت كلمة (الرجل الأسود) قائمة الكلمات العنصرية التي واجهت الكثير من لاعبي كرة القدم في الملاعب الأوروبية، حتى أن البعض منهم تعرض للعنصرية خلال خوضه مباريات فريقه، الأمر الذي دفع بالفيفا لإصدار عقوبات صارمة بحق المخالفين.
وعلى مدى 12 شهراً، شهدت ملاعب كرة القدم الكثير من الحالات التي توفقت عندها وسائل الإعلام كثيراً وخصوصاً في منافسات البريميرليغ. فالدوري الإنكليزي شهد هذا العام الكثير من حالات العنصرية التي تتطلب تضامناً كبيراً من الجماهير واللاعبين لمكافحة هذه الظاهرة السيئة.
وعلى سبيل المثال ما تعرض له لاعب فريق كريستال بالاس، ويلفريد زاها، الذي هاجمه مشجع بكلمات عنصرية عندما وصفه (بالأسود القذر). ولم يتوقف الأمر عند هذه الحالة فقط، إذ حلقت طائرة تحمل يافطة فوق ملعب فريق بيرنلي خلال مباراة ضد مانشستر سيتي، وكُتب عليها (حياة البيض مهمة)، وذلك خلال الفترة التي عاشها العالم بعد مقتل الرجل الأسود في أميركا جورج فلويد، واعتبر الجميع أن هذه اليافطة عنصرية ضد جميع نجوم البريميرليغ ذوي البشرة السوداء.
حياة السود مهمة
خطف حادث مقتل الرجل الأميركي جورج فلويد الأضواء في عام 2020، بسبب ما عُرف بعنصرية الشرطة تجاهه والاعتداء عليه حتى وفاته تحت قدم أحد عناصر الشرطة، الأمر الذي أشعل ثورات ضد العنصرية في كل بلدان العالم، وكانت ملاعب كرة القدم مسرحاً أيضاً للمناهضة ضد هذا التصرف البشع.
وقبل قضية فلويد، عاشت الرياضة وكرتا السلة والقدم الأميركيتان حوادث عنصرية كثيرة، خصوصاً بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد (السود) واللاعبين المهاجرين، الأمر الذي خلق نقمة رياضة على ترامب امتدت لأكثر من عامين في جميع الملاعب الرياضية الأميركية، ليأتي حادث مقتل فلويد ويُعيد مشاهد التضامن من جديد ضد العنصرية.
وشهدت مختلف الرياضات حول العالم تضامناً كبيراً مع جورج فلويد ودعا الجميع لمكافحة العنصرية، إذ بدأت حالة التضامن لدى أندية كرة السلة الأميركية، وامتدت إلى جميع ملاعب كرة القدم ومن بعدها إلى جميع الرياضات في العالم، حتى أمسى شعار (حياة السود مهمة) أحد أبرز شعارات الجماهير واللاعبين في عام 2020.
وشهدت السلة الأميركية انسحاب أندية من مبارياتها تضامناً مع حادثة فلويد ضد العنصرية، وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي ثورة من أبرز النجوم ضد ما سموه بالعنصرية ضد السود في أميركا، ليغردوا وينشروا رسائل متنوعة للتضامن مع فلويد ضد العنصرية.
وأمسى شعار (حياة السود مهمة) الكلمات التي تُزين المدرجات في ظل غياب الجماهير، وكذلك قمصان أبرز نجوم كرة السلة الأميركية خلال عمليات الإحماء قبل انطلاق مباريات الأدوار الإقصائية لموسم 2019-2020.ولم يقف اتحاد كرة السلة الأميركية ضد هذه الرسائل التضامنية، لا بل سمح لجميع اللاعبين بارتداء شعارات تضامنية رغم أنه كان يمنع توجيه رسائل غير رياضية في الملاعب، وهو الأمر الذي يعود للثورة الكبيرة التي شهدتها أميركا آنذاك ضد العنصرية في زمن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
في المقابل ومع عودة كرة القدم بعد فترة التوقف بسبب فيروس كورونا، أمسى الركوع على الأرض قبل انطلاق المباريات بمثابة تقليد للتأكيد على الوقوف في وجه العنصرية في العالم وكرة القدم بشكل خاص. وما زال لاعبو أندية البريميرليغ حتى اليوم يركعون على الرُكبة قبل انطلاق صافرة الحكم، وذلك في تعبير عن التضامن مع كل من يتعرض للعنصرية.
العنصرية لم تتوقف
رغم كل التضامن الذي شهدته ملاعب الرياضة لمكافحة العنصرية، إلا أن الأشهر الأربعة الأخيرة من عام 2020، لم تخلُ من الأحداث العنصرية المثيرة للجدل والتي تصدرها حادثة الحكم الروماني ضد عنصر من الجهاز الفني لفريق باشاك شهير التركي.
وفي التفاصيل شهدت مباراة باريس سان جرمان الفرنسي وباشاك شهير التركي حادثة عنصرية من الحكم الرابع الروماني سيباستيان كوليستكو، الذي وصف أحد أعضاء الجهاز الفني للفريق التركي بذاك الأسود، الأمر الذي أشعل ثورة ضده في كل مكان.ورفض الفريق التركي بعد الحادثة متابعة المباراة، ليُعيد الاتحاد الأوروبي جدولة اللقاء في اليوم التالي وقرر معاقبة الحكم وإيقافه عن تحكيم المباريات حتى إشعار آخر، مع التنويه بأن كوليستكو اتصل ببعض أعضاء فريق باشاك شهير بعد ذلك واعتذر عن التصرف الذي بدر منه.
وقبل نهاية العام، تعرض كل من شيكابالا نجم فريق الزمالك ومحمد صلاح نجم فريق ليفربول الإنكليزي لحادثتين عنصريتين أيضاً، فالأول تعرض لهجوم بعد نهائي دوري أبطال إفريقيا، إذ هاجمه بعض المشجعين بكلمات عنصرية وتمنوا له الموت، وهي التصرفات التي أشعلت ثورة على مواقع التواصل الاجتماعي وتضامن كثيرون مع شيكابالا.
في المقابل مُنع مشجع لفريق وستهام الإنكليزي من دخول الملعب لثلاث سنوات، بسبب كلمات عنصرية وجهها للنجم المصري محمد صلاح نجم ليفربول. ووفقاً لشبكة (BBC) البريطانية فإن هذا المشجع الذي يدعى برادلي ثوموود والبالغ من العمر (48 عاماً) اعترف بتوجيه كلمات عنصرية ومعادية للإسلام تجاه محمد صلاح.وأكد المصدر نفسه أن هذا المشجع المتهم وقف أمام محكمة ابتدائية في لندن إذ تم تقديم دليل إدانته وهو فيديو تم تسجيله في مدرجات الملعب، وهو ما جعل هذا المشجع يعترف بذنبه وتم تسليط تلك العقوبة عليه إضافة إلى غرامة مالية قدرها 400 جنيه إسترليني.