الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
يشكّل العدوان الصهيوني الغادر والمتكرر على الأراضي السورية حلقة جديدة من حلقات المخطط العدواني الذي يستهدف سورية ودورها الفاعل والمؤثر في المنطقة منذ نحو عشر سنوات، فالكيان الصهيوني الغاصب هو رأس حربة الإرهاب العالمي وأهم أدوات الولايات المتحدة الأمريكية وقوى الاستعمار الغربي للهيمنة على المنطقة وسرقة ونهب خيرات شعوبها ومصادرة قرارها المستقل .
وكما هي العادة دائماً يأتي العدوان الصهيوني ليعبِّر عن أزمة داخلية تعصف بالكيان الصهيوني ومنظومته الحاكمة، حيث يستعد نتنياهو لخوض غمار انتخابات برلمانية فاشلة للمرة الرابعة في عامين، فرئيس حكومة الكيان المأزوم يحاول تصدير أزمته – حيث يواجه تهما بالفساد وخيانة الأمانة أمام القضاء – إلى الخارج وخاصة بعد فشل إدارة ترامب المنتهية ولايته في تمرير “صفقة القرن” بالرغم من إجبار عدد من الدول العربية على الدخول في دهاليز التطبيع والسلام الكاذب مع الكيان، وعجز الأخير عن تنفيذ كل الوعود التي قطعها لنتنياهو .
كما يتزامن العدوان الجديد مع الإنجازات التي يحققها الجيش العربي السوري على امتداد الجغرافية السورية في مواجهة الإرهاب، وقد تمكن من تحرير معظم الأراضي السورية من رجس الإرهاب، وإرساء الأمن فيها وتهيئتها لمرحلة إعادة إعمار ما هدمه الإرهاب، وبالتالي عودة المهجرين واللاجئين من المخيمات في دول الجوار حيث يعانون ظروفاً إنسانية ومعيشية بالغة الصعوبة .
العدوان الصهيوني الجديد على الأراضي السورية، والذي يتكرر كل فترة، يأتي في سياق رفع معنويات التنظيمات الإرهابية وضخ دماء الإرهاب في عروقها، بعد النجاح والتقدم الذي أحرزه الجيش العربي السوري في مواجهتها، ما يبرهن للمرة الألف على العلاقة المشبوهة التي تربط العدو الصهيوني وقوى الإرهاب في سورية، حيث شكلت التنظيمات الإرهابية خلال السنوات الماضية أهم مرتزقة وأدوات الكيان الصهيوني لإضعاف سورية وتفتيتها، وبالتالي فإن هزيمتها في سورية، هي هزيمة مباشرة لداعميها ومشغليها وعلى رأسهم الكيان الإرهابي المجرم .
كما يحاول الكيان الصهيوني من خلال اعتداءاته المتكررة التشويش على الحل السياسي للأزمة في سورية بعد التقدم الكبير الذي أحرزه الجيش العربي السوري في الميدان، لأن من شأن الحل السياسي للأزمة أن يعيد سورية إلى سكة التعافي كما كانت، وأن ينهي أي نفوذ لأدواته الإرهابية في سورية، ويفشل مشروعه القاضي بتحويل سورية إلى إمارات أو كانتونات إرهابية تعمل على تنفيذ أجنداته التخريبية في المنطقة، وما من شك بأن العثور على كميات كبيرة من الأسلحة الإسرائيلية داخل أوكار الجماعات الإرهابية التي كانت تنشط في جنوب سورية يعتبر دليلاً إضافياً على الدعم الذي كانت تتلقاه هذه الجماعات من قبل الكيان لخدمة مشاريعه وأجنداته العدوانية، فطيلة سنوات الحرب كانت هذه الجماعات الإرهابية تدير ظهرها للجولان العربي السوري المحتل وتوجه نيران أسلحتها لصدور أبناء الجيش العربي السوري وأبناء المدن والبلدات المتاخمة للأراضي المحتلة في برهان مباشر على أنها منتج صهيوني .
اللافت في الأمر أنه مع كل عدوان جديد يحاول العدو – موظفاً كل أدواته الإعلامية في المنطقة – ممارسة التضليل الإعلامي لتبرير خرقه للسيادة السورية والقانون الدولي، فيختلق المزيد من الأكاذيب، كي يضع نفسه في موقف الدفاع عن النفس، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على خشيته وقلقه من الإنجازات التي تحققت في سورية بتكاتف وتعاون وتضافر قوى المقاومة في مواجهة المشروعين الصهيوني والأميركي .
المؤكد أن اعتداءات الكيان الصهيوني على سورية ومهما تكررت فلن تغير شيئاً في المعادلات القائمة، حيث يبقى الجولان العربي السوري المحتل في رأس أولويات السوريين لتحريره وإعادته كاملاً إلى حضن وطنه الأم، فالمحاولات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلية من بناء مستوطنات وتركيب توربينات ضخمة ومصادرة أراض، واللعب بالجغرافية والتضييق على أبناء الجولان المحتل لن تفضي إلى أي نتيجة لأن الجولان عائد لا محالة، وهذا ما يفسر القلق الإسرائيلي الذي يصل حد المغامرة والجنون والحماقة، وبما يعكس الأزمة النفسية التي يعيشها الكيان وحكامه وجبهته الداخلية