ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن أهمية الرقم الإحصائي وأثره على مختلف النشاطات الاقتصادية والاجتماعية في سورية ، وربما نحن بحاجة له اليوم أكثر من أي وقت مضى لإعداد خططنا المستقبلية بعد سنوات الحرب لاتخاذ قرارات صحيحة ،فالتنمية أساسها رقم فغيابه أو لنقل عدم مصداقيته سيعطل تلك التنمية.
مسوحات عديدة قام بها المكتب المركزي للاحصاء وليس آخرها ” تعداد المنشآت الاقتصادية والاجتماعية ” التي من المفترض أن تظهر نتائجها مع نهاية الشهر الجاري إضافة لمسح الأمن الغذائي الأسري.
لكن للأسف لانرى ترجمة فعلية لهذا الرقم أو ذاك على الأقل لصاحب القرار لاتخاذ قرارات اقتصادية تمس حياة المواطن، قد يكون عدم الثقة بهذا الرقم أو وهو الراجح عدم قدرته على القراءة الجيدة له و بالتالي العمل والبناء على أساسه.
انتقادات واسعة لآلية عمل المسؤولين عن الرقم الإحصائي أولها من الباحثين الاقتصاديين وعدم الثقة بتلك البيانات التي من المفترض أن يبنى عليها الكثير من الدراسات الاقتصادية والاجتماعية، فنراهم يعتمدون على إحصائيات من جهات أخرى وأحياناً على الجهد الشخصي.
بعيداً عن كل ذلك لا ننكر أن هناك رقماً غائباً للعديد من الملفات المهمة التي تبحث عن إجابة لتشكل ” داتا ” إحصائية لاعتمادها عند أي خطة أو استراتيجية وتحديداً لمرحلة إعادة الإعمار المرتقبة.
نعلم جميعاً أن الحرب أثرت بشكل كبير على عمل المكتب المركزي للإحصاء لعدم قدرته على تغطية كافة المحافظات السورية ما خلق رقماً بعيداً عن الحقيقة والدقة وربما أيضاً غياب الدعم المادي والمعنوي الحكومي كان له أثر سلبي على آلية عمله.
في كل دول العالم يستحوذ الرقم الإحصائي على أهمية خاصة لذلك نحن بحاجة لمراجعة دقيقة لرقمنا الإحصائي والتأكيد على أهمية تواجد الكوادر والخبرات والعمل على تأهيلهم بشكل مستمر، مع دراسة الإشكاليات التي تعترض عملهم للوصول بالفعل إلى رقم دقيق ونزيه لذلك يجب ألا ننتظر وأن نسبق جرس الإنذار ونعطله لتأسيس نظام إحصائي قادر على التأثير بقراراتنا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية في ظل الظروف الراهنة والمتغيرة.
الكنز- ميساء العلي