فرنسا، إلى جانب شركائها في دعم الإرهاب من الدول الأوروبية، لم تتخلّ يوماً عن اللحاق بالركب الأميركي لجهة مناصبة العداء للشعب السوري، وتلك الدول لا تزال حتى اليوم تمارس أقذر الأساليب لتبرئة الإرهابيين من جرائم استخدامهم للأسلحة الكيميائية، هي في واقع الأمر تسعى لتبرئة نفسها من تلك الجرائم باعتبارها أحد الرعاة الأساسيين لأولئك الإرهابيين، تتبنى حمايتهم، تزودهم بالسلاح والعتاد والمال، تخطط مسار عملياتهم الإرهابية، تدير دفة إجرامهم بإشراف مباشر من عناصر استخباراتها، وتحول المنظمات والهيئات الدولية إلى منصات عدوان إضافية تساهم في دعم الإرهابيين والتغطية على جرائمهم عبر تزوير الحقائق وقلبها رأسا على عقب.
ما يسمى “ملف الأسلحة الكيميائية”، المبني على الأكاذيب والادعاءات الباطلة، يبدو أنه بات الرهان الدائم الذي تتوهم منظومة العدوان أن بمقدورها ليّ ذراع الدولة السورية من خلال مواصلة التشبث به كأداة ضغط إضافية، والدفع الغربي الجاري اليوم لإرغام منظمة الحظر على اعتماد مشروع قرار فرنسي غربي يزعم زوراً وبهتاناً ما سموه “عدم امتثال” سورية لالتزامها بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، استناداً إلى فبركات ما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” غير الشرعي بخصوص حوادث اللطامنة، يأتي في سياق لهاث رعاة الإرهاب المتواصل لتبرئة مرتزقتهم، ومحاولة إلصاق التهمة بالجيش العربي السوري، على أمل أن تصبح تلك الفبركات والأكاذيب مسألة قابلة للتصديق، رغم أنها باتت مكشوفة ومفضوحة، وحتى الإعلام الغربي نفسه بات يعري كل المزاعم التي تسوقها الدول الغربية، ويستند في ذلك على دلائل حقيقية بعيدة عن التضليل والتزييف.
المنظمات والهيئات الدولية المرتهنة للقرار الغربي، لطالما وضعت نفسها في خدمة المشاريع الغربية الاستعمارية، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية تأخذ اليوم الدور الأخطر في دعم التنظيمات الإرهابية، لأنها تتغاضى بشكل متعمد عن مسألة استخدام تلك التنظيمات للأسلحة الكيميائية والغازات السامة ضد المدنيين، رغم امتلاكها كل الوثائق التي تؤكد هذا الأمر، ورغم كل شهادات وإحاطات الخبراء المختصين التي كشفت التلاعب في التحقيقات حول مزاعم استخدام “الكيميائي”، حتى أن ما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” الذي عينته المنظمة للتحقيق بمزاعم استخدام مواد سامة في بلدة اللطامنة عام 2017 سبق واعتمد تقريره المسيس بناء على المعلومات المفبركة والمضللة التي قدمها له متزعمو إرهابيي “النصرة” ومرتزفة “الخوذ البيضاء”، وهذا يشير بشكل واضح إلى أن أولئك الإرهابيين كانوا جزءاً رئيسياً من تركيبة هذا الفريق، اعتمدت عليهم المنظمة لتلفيق الاتهامات الباطلة بحق سورية.
منذ استخدام ملف “الكيميائي” كأداة ضغط غربية للابتزاز السياسي وحتى الآن، لم يوجد أي دليل يشير من قريب أو بعيد إلى استخدام الجيش العربي السوري أي سلاح كيميائي، بكل مراحل تصديه للحرب الإرهابية، خاصة أن سورية لا تمتلك أي أسلحة كيميائية، وذلك في إطار تنفيذها لالتزاماتها مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فيما كل الدلائل والبراهين تثبت أن الإرهابيين المدعومين من أميركا والغرب هم من استخدموا الأسلحة الكيميائية مرات عديدة، والكثير من التقارير أكدت امتلاكهم مثل تلك الأسلحة، التي زودتهم بها أميركا وتركيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الراعية لهم، ولكن منظومة العدوان لطالما لجأت لتزييف الحقائق، وهذا ما كشفته فضائح “حظر الكيميائية” لاحقاً، من خلال التكتم على الكثير من التقارير التي خلص إليها المحققون، وتشير في مجملها إلى أن الإرهابيين هم من استخدموا الأسلحة الكيميائية، وهم من قاموا بفبركة الكثير من المسرحيات “الكيميائية” لاتهام الجيش العربي السوري، حتى أن مرتزقة ” الخوذ البيضاء” سبق أن كرمتهم الدول الراعية لهم لقيامهم بمثل هذا الدور القذر.
سورية لا تلبث تدين بشكل متواصل استخدام الأسلحة الكيميائية في أي زمان ومكان، ومن قبل أي كان، وتحت أي ظرف كان، وهي صاحبة مصلحة حقيقية في جلاء الحقيقة كاملة بهذا الشأن، وهي من بدأت بطلب التحقيق باستخدام الغاز السام، ولا تنفك عن تبليغ المجتمع الدولي باستمرار حول عثورها على مواد كيميائية خطيرة من مخلفات الإرهابيين بعد دحرهم عن العديد من المناطق، وتضع دول العالم بصورة أي استفزازات كيميائية محتملة، قد تشارك فيها استخبارات دول أجنبية، ولكن “حظر الكيميائية” وبتحريض من الدول الغربية كانت تتجاهل باستمرار مثل تلك الرسائل، وتجد العديد من الذرائع والحجج لعدم إرسال خبرائها إلى سورية، لأن الولايات المتحدة، ومعها الدول الأوروبية تريد التعتيم على الحقيقة، فبحال انجلت ستكون تلك الدول على رأس المدانين بارتكاب تلك الجرائم.
البقعة الساخنة – ناصر منذر