الملحق الثقافي:د . غسان صالح عبد الله :
قال الباحث الفرنسي “بيير روسي” في كتابه “مدينة إيزيس.. التاريخ الحقيقي للعرب”:
“إنه جنوننا المحب للخصام الذي فرق الشعب العربي إلى شعوب كالمؤابيين والعموريين والكنعانيين والآراميين.. الخ.. فلماذا؟.
لأننا معنيون بأن نميز منهم خصوصيات عرقية أو طائفية، تجبرنا أن نضع بينها العبرانيين، وذلك لكي نقدم الدليل بكل ثمن على صحة العهد القديم.”
نلاحظ في عصرنا هذا، أن كل مراكز الاستشراق واقعة تحت سيطرة باحثين يهود، يؤمنون بالصهيونية ويعملون لصالحها..
إن التزوير والتخريب والتسميات المغرضة، والفرضيات والنظريات المتناقضة وسرقة الآثار والتسميات، وإقحام هذا التاريخ المزور في المعركة الفكرية والسياسية التي قام بها المستشرقون، ومن قبلهم الحاخامات، وكذلك الاستعمار بشكليه القديم والحديث، خلق مجموعة من المفاهيم التي شوهت الفكر السوري والعربي، وأقنعتهم بأن كل هذه المفاهيم صحيحة معتمدين أيضاً، على الدارسين من سورية والعالم العربي في جامعاتهم، لتأكيدها من خلال المناهج الدراسية المتوسطة والاكاديمية التي تدرس في المدارس والجامعات.
نحن هنا نضع شاهداً بين أيديكم، وهو: النجمة السداسية السورية.
النجمة السداسية والمعروفة بين علماء الآثار، بنجمة عشتار الكنعانية، بدأت كرمز للعبادة عند السومريين ثم البابليين، ثم وجدت عند الكنعانيين كرمز للخصب وسميت “نجمة الصبح” في حضارة أوغاريت السورية، وهي من أكثر الرموز التراثية السورية فلسفة وروحانية، فالنجمة السداسية مؤلفة من مثلثين متقاطعين متداخلين، الأول قاعدته في الأعلى ويتجه رأسه للأسفل، يمثل السعي الإلهي للحلول في البشر، والثاني قاعدته في الأسفل ورأسه يتجه للأعلى، يمثل السعي البشري للفناء في الإله وفي حضارة أوغاريت بالتحديد.
كان المثلث الذي رأسه يتجه للأسفل يرمز للأنوثة، والمثلث الذي رأسه يتجه للأعلى يرمز للذكورة، وبتداخل المثلثين تولد الحياة وهذه النجمة السداسية التي تمثل حضوراً فنياً وفلسفياً راقياً في الحضارة السورية، وجدت أيضاً في النقوش العربية والإسلامية فيما بعد، وقد قيل عنها “نجمة الحكمة” لما تحمله من دلالاتٍ فلسفية وروحية عميقة، وهذه النجمة العشتارية، هي رمز الخصب والحياة والحكمة، وهي أكبر مثال على السرقات التي لا تحصى لليهود من التراث السوري، وقد بدؤوا بتبنِّيها في العصور الوسطى، على أنها النجمة التي كانت على درع “داؤود” وتسمى “الدرع الحامي” وقد وضعوها على علم دولة الكيان اليهودي، رغم معارضات الحاخامات في ذلك الوقت، حيث كانوا يريدون وضع الشمعدان السباعي، الذي هو أقدم في معتقدات اليهود من النجمة السداسية.
كاتب وباحث
التاريخ: الثلاثاء12-1-2021
رقم العدد :1028