الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
قد لا يكون الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن كاذبًا أو مخادعًا بمستوى سلفه دونالد ترامب الذي أدلى بأكثر من 20 ألف تصريح كاذب أو مضلل خلال رئاسته الكارثية، لكنه يدلي بأخبار ساذجة من حين لآخر، على سبيل المثال، ادعى أنه التقى برئيس الوزراء السوفييتي أليكسي كوسيجين في موسكو في عام 1979، لكن هذا اللقاء لم يحصل، والموقف الحالي لواشنطن بشأن روسيا والصين هو عدائي بلا تحفظ، حيث يُنظر إليهما على أنهما أعداء، وتتضمن استراتيجية الدفاع القومي للولايات المتحدة نية المواجهة معهما “لاستعادة الميزة التنافسية لأميركا من خلال منع الخصمين العالميين روسيا والصين من تحدي الولايات المتحدة وحلفائها”.
في أيار 2003 صوّت بايدن بحماس لانضمام استونيا ولاتفيا وليتوانيا إلى الناتو، ومنذ ذلك الحين، ازداد التزام بايدن بأمن دول البلطيق، وفي 25 تشرين أول 2020، أعلن بايدن علنًا أن “أكبر تهديد لأميركا في الوقت الحالي هو روسيا”.
من غير المحتمل أن تكون روسيا قلقة للغاية بشأن موقف بايدن، على الرغم من أنها تفضل تطوير التبادل التجاري، وزيادة السيطرة على الأسلحة النووية، وتحسين التعاون الشامل مع تعزيز العلاقات مع الدول الأخرى، ولا سيما الصين.
في 28 كانون الأول، أوضح بايدن سياسته تجاه الصين بقوله “بينما نتنافس مع الصين ونحاسب حكومة الصين على “انتهاكاتها” في التجارة والتكنولوجيا وحقوق الإنسان والجبهات الأخرى، فإن موقفنا سيكون أقوى بكثير عندما نبني تحالفات مع الشركاء والحلفاء الذين يحملون نفس التفكير”، ولكن بعد الكشف عن اتفاق استثمار بين الاتحاد الأوروبي والصين يهدف إلى فتح فرص جديدة بين الطرفين” أشارت صحيفة فاينانشيال تايمز إلى انزعاج بايدن من هذا التطور الذي وصف في الاتحاد الأوروبي بأنه “النتيجة الأكثر طموحًا الذي يمكن إقامته مع دولة أخرى” من حيث الوصول إلى الأسواق والمنافسة العادلة والتنمية المستدامة.
فهل كان بايدن غير مطلع على مفاوضات الاتحاد الأوروبي والصين التي استمرت لمدة سبع سنوات قبل التوصل إلى هذا الاتفاق؟ ولم يخبره أحد عن محادثة جرت بين الرئيس الصيني والرئيس بوتين في 28 كانون الأول؟، حيث قال الرئيس الصيني إنه “على استعداد للحفاظ على الاتصال الوثيق مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، بأشكال مختلفة في محاولة لقيادة بلديهما نحو تنسيق استراتيجي شامل وتعاون عملي أعمق في مختلف المجالات”.
من الأفضل لواشنطن أن تلاحظ أن الصين وروسيا قد تعاونتا في تعزيز “التنمية المطردة للتعاون الاقتصادي والتجاري الثنائي في ظل ظروف الوقاية والسيطرة المنتظمة بخصوص جائحة ـ COVID-19، وحققا تقدماً جديداً في مواءمة بناء “الحزام والطريق” في إطار الاتحاد الاقتصادي الأوراسي”، وهذا ما يدعم قناعة الرئيس الصيني بأن “العلاقات بين الصين وروسيا لا تتأثر بالتغيرات التي تطرأ على الوضع الدولي أو بفعل تدخل عوامل أخرى”، فإن تعزيز التعاون الاستراتيجي بين الصين وروسيا يمكن أن يقاوم بشكل فعال أي محاولة للتفريق بين البلدين “.
في حزيران 2020، أبلغت صحيفة نيويورك تايمز قراءها بحماسة أن “مسؤولي المخابرات الأميركية قد خلصوا إلى أن وحدة استخبارات عسكرية روسية قدمت سرًا مكافآت لمقاتلين مرتبطين بحركة طالبان مقابل قيامهم بقتل عناصر تابعة لقوات التحالف في أفغانستان”.
كانت القصة مجرد هراء، لكن الدعاية كانت فعالة، والآن بعض كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية ينشرون قصة أخرى مثيرة هذه المرة يدعون فيها أن “الولايات المتحدة لديها دليل على أن الصين حاولت تمويل هجمات على جنود أميركيين من قبل أفغان غير حكوميين من خلال تقديم حوافز مالية أو “مكافآت” وأن مجلس الأمن القومي “ينسق تحقيقًا حكوميًا كاملاً”.
وقد أثرت الحملة الدعائية في وسائل الإعلام الأميركية ضد الصين وروسيا من قبل الإدارة الأميركية على الموقف الشعبي تجاههما، ففي نيسان أظهر استطلاع أن 62 في المئة من الأميركيين يعتبرون أن “قوة ونفوذ الصين يشكلان تهديدًا كبيرًا”، في حين كان لدى 71 في المئة نظرة سلبية تجاه روسيا (على الرغم من أن الأوروبيين يثقون في بوتين أكثر من ترامب).
السؤال الكبير يتعلق بنوايا بايدن، فهل يعتبر الأخير أن الرئيس بوتين يشكل “أكبر تهديد” لأميركا؟، وهل هو عازم بشكل قاطع على محاولة بناء تحالف قوي مع الصين.؟ اعتقد أنه سيكون شيئًا جيدًا جدًا لملايين لا حصر لها من سكان العالم إذا فكّر بايدن في التعاون المتزايد مع روسيا والصين.
بقلم: بريان كلوجلي
المصدر Strategic Culture