الثورة أون لاين – ميساء العجي
تعاني شريحة ذوي الإعاقة كفئة من فئات المجتمع من صعوبات مختلفة نتيجة ظروف وحوادث عديدة واجهتها في حياتها ، ماسبب لأفرادها أذى نفسياً لهم ولأسرهم ، من حيث نظرة المجتمع لهؤلاء فترمي بهم عبر نظرات جارحة وقاتلة ومؤثرة لدرجة كبيرة في حياتهم .
هذا في الإطار الاعتيادي العام فكيف يكون الوضع في حال فكر أحد أفراد هذه الفئة وقام بتغيير مسيرة حياته من خلال ارتباطه بشخص آخر سواء كان ذكراً او أنثى من نفس فئته أو من شخص سليم فكيف تبدو القصة ؟
الكل يعرف أن قضية الزواج تأخذ مكانة كبيرة في حياة هؤلاء الأشخاص كحق من حقوقهم ، خاصة عندما يصبحون بعمر مناسب للزواج وكي يعيشوا حياة كريمة كفلتها لهم معظم التشريعات والقوانين السائدة في البلدان التي يعيشون بها إذ من حقهم تكوين أسرة وإنجاب الأطفال كبقية الناس وتكون هذه من جملة الحقوق التي يحلمون بها كأفراد عاديين في مجتمعهم الذي يعيشون فيه والتي تسهم الى حد كبير بتحسين نوعية الحياة لهذه الفئة من أفراد المجتمع .
فالزواج حق لكل إنسان قادر على هذه الخطوة و لديه الرغبة في تكوين أسرة سواء كان شاباً أم فتاة دون تفريق بين الإنسان السوي والمعوق مادامت رغبته بذلك قائمة ويستطيع العمل على تحقيقها ، لكننا نجد في الواقع الفعلي أن فكرة الزواج هذه قد تصطدم بعدة عوائق منها معارضة أهله أو المجتمع الذي يعيش فيه .
* بعض تجاربهم
حسام م يقول : أنا ولدت ولدي إعاقة في عمودي الفقري جعلتني جليس الكرسي المتحرك الذي رافقني من بدايات حياتي ، عندما بدأت محاولاتي في المشي و الحركة كان هذا الكرسي أمامي يسلب مني كل قفزاتي وحركاتي ، حتى عندما كبرت بدأ يسرق ضحكاتي وأحلامي معها تاركاً لي خيبات أمل في كل ما أراه في حياتي حتى أنني لم أكمل دراستي بسبب صعوبة حركتي ولم يكن غير والدي ووالدتي من القادر ين على تحريكي فإخوتي جميعهم أصغر مني لذلك تركت الدراسة وابتعدت عن مقاعدها منذ زمن ، واليوم بعد أن تزوج اخي الأصغر مني سناً أتمنى أن أجد شريكة لحياتي تقاسمني همومي وأفراحي إلا أنه لغاية الآن لم أجد مطلبي على الرغم من معرفتي بسعي أمي الدائم لي حول هذا الأمر كونه رغبة مني .
فيما تقول عائدة نور الدين : أنا ولدت بقامة قصيرة جداً البعض يسميها القزم وهو تشوه في جسمي كله ، فكثيراً ماكان يؤلمني عندما أسمع أمي أحياناً تقول لو أنني لم أنجبك إلى هذه الحياة ، وأنا رغم منظري الغريب بين الناس إلا أنني أستطيع المشي والحركة ، وقد استطعت أن أكمل دراستي فقد حصلت على الثانوية العامة ودخلت كلية الحقوق ، وأنا اليوم في السنة الرابعة واقتربت من التخرج وأحلم أن أكون كباقي الفتيات أحلم بالزواج وإنجاب الأولاد لكن هذا حلم كما أرى من نظرات المقربين وكل ما يراني .
الباحثة في علم النفس الاجتماعي هيفاء بدور تؤكد في هذا السياق أن نظرة المجتمع إلى الشخص المعوق يجب أن تكون على إنه إنسان له حقوق كما الشخص السليم من حقه أن يعيش حياته كبقية الأفراد الآخرين ، وأن يتزوج و ينجب الأولاد و يعيش معهم ويربيهم إلا أن هذا الحلم دائماً يصطدم بعدة عراقيل منها أنه هو ذاته يرفض أن يجد معارضة أو رفض لحلمه هذا من قبل الآخرين فيبعده عنه بأي وسيلة لأن خوفه من الرفض له يجعل حلمه مكبوتاً داخله لا يفكر بإخراجه إلى العلن أو البوح به ، ومنهم من يجد صعوبة كبيرة في إيجاد الشريك المناسب له الذي يتقبله كما هو ، ويتحمل تبعات هذا الأمر في المستقبل .
ونجد المجتمع بغالبته ينظر للشخص المعوق على أنه غير منتج وغير صالح لتكوين أسرة و يبدون الخوف الكبير من فشل زواجه ، وتكون هذه بحد ذاتها هي نظرة ازدراء ونقص له .
وأضافت أن الزواج يعد من الموضوعات الحرجة والشائكة للأشخاص ذوي الإعاقة من الجنسين ، فالرجل المعوق يواجه أكثر من مشكلة أولها عدم قبول الأسر بارتباط بناتهم بشخص معوق على الرغم من عدم وجود أي عوائق حقيقية تمنع هذا الشخص من الزواج ويكون هذا الرفض مبنياً على الشكل العام للمعوق الذي يستخدم كرسياً متحركاً ، أو ينتقل باستخدام عكازين أو لأنه شخص كفيف أو أصم وغير ذلك .
اما بالنسبة للفتيات اللواتي يعانين من الإعاقة توضح نجد الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لهم حسب رأي بدور فهم يعانون من أهلهم ومن المجتمع ومدى تقبله لهم ولزواجهم ، لذا نجد حياتهم أكثر صعوبة من حياة الذكور المعوقين ، مبينة إن المعوق هو إنسان من لحم ودم من حقه أن يحيا ويعيش حياة طبيعية ويتزوج ويكون أسرة سعيدة بالقدر الذي يتحقق له ذلك .
فالإعاقة ليست إعاقة الجسد إنما الإعاقة الحقيقية هي إعاقة الفكر ، مايتوجب
أن نعمل جميعاً للعيش في بيئة ومجتمع يسمو بنا إلى الأعلى من خلال الأفكار والآراء والمعتقدات التي نؤمن بها نحن من داخلنا ونتشاركها مع الآخرين فتبعث فينا الرضى النفسي الفكري في حياتنا وتبعدنا عن الأمراض والعقد التي تسحبنا الى الأسفل ، فالحياة جميلة ومن حق الجميع أن يعيشها