الثورة أون لاين:
كنوز منسية تسترجعها الذاكرة السورية والوطن يغلي كما بالأمس بأعداء لم يغادروها، فبعد العمامة التركية والمستعمر الفرنسي الصهيونية العالمية والليبرالية الأميركية تقضّ مضجع وطن مازال بحاجة إلى(حسن جبل) …
الحصار الذي جعلك من المهمّشين في الحياة ووقت الرحيل هو ذات الحصار الذي يُنعش ذاكرتنا التي قادتنا لاستحضار شخوصك الباحثين عن لقمة العيش في ضنك الحياة وبؤسها والعيش كما عشت، انقطاع الماء والكهرباء والدواء والغاز واقع قديم حديث فرضه المارينز الأمريكي والصهاينة..
أما ذاك الفرات الذي يفيض خصبا وحياة، وكنت يازرزور مع الأيادي الكادحة التي روّضته وكبحت جِماح فيضانه وجعلتموه منصاعا بسدٍّ لم ينضب إلى أن عادت العمامة التركية وقطعت سبله وسبل إروائه للفلاحين وصغار الكسبة الذين ناضلت لكفاحهم طوال سنيّ حياتك…
الكاتب والروائي فارس زرزور الراحل بصمت ٢٤ _ ١ _ ٢٠٠٣ نستذكر رحيله ونقف عند أبطال قصصه ورواياته التي عاش آلامها وأحلامها وإحساسها ليصلنا تعبيره عن واقع اجتماعي وإنساني لحقبة تاريخية استمرت نحو أربعة وسبعين عاما عمره الذي عاشه نقلها بأمانة تاريخية ودقّة وواقعية…
يسعى زرزور بواقعيته إلى تصوير شخصياته النموذجية عبر الإبقاء على مقاييس المواقف الحياتية الحقيقية لتلك الشخصيات، ويصوّر أبطاله في تطورهم بكل تنوّع ارتباطاتهم الحيّة وعلاقاتهم المعيشية المحددة تاريخيا،كما حصل مع أبطاله في(آن له أن ينصاع) ١٩٨٠
فيأتي أبطال روايته من تجربة عاشها ملاصقا فيها لعمال تشييد سدّ الفرات وفي إطارها الزمني.
شحنة الغضب من الواقع المعاش سواء عند الفلاح أو العامل أو الجندي الذي يأبى أن تسقط مدينته تجلّت بواقعية أيضا عند زرزور في رواية( لن تسقط المدينة ) ١٩٦٩ حيث استلهم قصصها من الجنود الحقيقيين الذين عاصرهم وعاش بينهم وسمع حكاياتهم عن مشاكلهم وواقعهم في فترة وجوده في الكلية العسكرية، فجاءت روايته تلك في إطارها التاريخي أيضا تجسّد ملامح البطولة والالتصاق بالمبادئ الوطنية والقضايا العربية فيستمر في تلك الطريق في رواية(حسن جبل ) ١٩٦٩ مؤكدا الوعي الفطري لتقديس الحرية والكرامة الشخصية والوطنية وتعزيز المقاومة السورية والعربية و(كل مايحترق يلتهب) ١٩٨٦
عيشه في الريف (ريف الجزيرة ) رغم أنه ابن دمشق جعلت من الشكوى والمعاناة لدى شخوصه أمرا واقعيا، والدفاع عن الإنسان والجماهير الكادحة سمة من سمات كتاباته التي تدعو إلى تحرير الإنسان من الاستغلال والعبودية فكتب(المذنبون ) ١٩٧٤ ، ورواية(الحفاة وخفّي حنين ) ١٩٧١
بين(ري مارك ) و (ديستوفسكي) اللذين قرأهما زرزور في بداياته إضافة إلى(فيكتور هوغو) تعمقّت الواقعية الاشتراكية لديه والأمل في حياة مشرقة لشخوصه رغم قسوة الحياة والفقر والجوع والمشكلات المجتمعية والسلوكية التي تطرق إليها بين الحين والآخر، ولكنه كان متفّقا مع ذاته أن الانسان أو شخوصه بالعموم لديها خط إنساني عريض ممتلئ بالقيم الأخلاقية والإنسانية، وما تلك المشكلات أو السلوكيات المنحرفة إلا مجرد نزوات أو بفعل ظروف الحياة ومقتنعا أنهم لن يفوتهم العقاب عليها…
حصل فارس زرزور على عدد من الجوائز عن بعض أعماله رغم إهمال النقاد والدارسين له،
كتب القصة القصيرة أيضا نذكر بعض قصصه ( حتى القطرة الأخيرة ١٩٦١، اثنان وأربعون راكبا ونصف ١٩٦٧ ، لا هو كماهو، ولا شيء مكانه ١٩٧٦ …الخ)