ردود “الغضب” خاسرة .. وخطط “العمل” تبني الأوطان

الثورة أون لاين – سامر البوظة

لطالما كانت مجتمعاتنا العربية والإسلامية في مرمى الاستهداف الغربي المستعمر على مر العصور ، ولطالما تعرضت تلك المجتمعات لشتى أنواع الحروب والمؤامرات التي كانت ولا تزال تستهدف كيانها ووجودها وحضارتها وتاريخها بغية تفتيتها والسيطرة عليها ، إن كان عبر الاحتلال العسكري أو الاقتصادي ، أو الثقافي عبر التسلل إلى تلك المجتمعات من خلال الغزو الفكري وقلب المفاهيم والقيم فيها واستبدالها بأخرى غربية هجينة بعيدة عن مبادئنا وقيمنا التي تربينا عليها ، وذلك للتسلل إلى مجتمعاتنا من الداخل وتفكيكها ومن ثم تسهل السيطرة عليها وتطويعها خدمة لتحقيق أهداف الغرب الدنيئة .
وفي ظل الواقع العربي المترهل والمفكك تمكنت تلك الدول الاستعمارية من التغلغل إلى داخل مجتمعاتنا مستغلة حالة الضعف والتفكك المجتمعي ، وغالباً ما كانت تلجأ إلى اللعب على وتر العاطفة والدين وتغذية بذور الفتنة والتفرقة بين أبناء الدين الواحد والمجتمع الواحد وذلك لتحقيق مراميها على مبدأ “فرق تسد” ، ليقينها أن شعوبنا تحكمها العاطفة والانفعال وردود الفعل الغاضبة وخاصة إذا ما كان الأمر يتعلق برموزنا ومقدساتنا الدينية ، وتلك الانفعالات الغاضبة غالباً ما تكون نتائجها سلبية ، وتؤدي إلى أماكن أخرى بعيدة عن الهدف الحقيقي ، لا بل أبعد من ذلك فهي تشوه الصورة الحقيقية وتسيء في نفس الوقت إلى العرب والإسلام ، وهو ما تدركه تماماً الدول الاستعمارية تلك ، وتسعى إليه وتحاول دائماً الاستثمار فيه ، لذلك كان التركيز على هذا الجانب ، وهذا ما كنا نراه بين الحين والآخر من قبل العديد من الدول الغربية ، عبر الإساءات المتكررة لرموزنا الدينية ، لاسيما إلى القرآن الكريم أو شخص الرسول محمد (ص) ، أو غير ذلك ، وطبعا الشماعة تكون جاهزة وهي ، حرية التعبير ، “الحجة الدائمة” .
من هنا كان تأكيد السيد الرئيس بشار الأسد في خطابه الهام أثناء مشاركته في الاجتماع الدوري الموسع الذي عقدته وزارة الأوقاف الشهر الماضي للسادة العلماء والعالمات في جامع العثمان ، والذي أضاء فيه على هذا الجانب المهم ووقف عنده كثيراً وفصل فيه نظراً لأهميته ، قائلاً : هم يحاربوننا بالفعل ، ونحن نرد برد الفعل ، ودائماً من يعمل برد الفعل يخسر .
فكان تأكيد سيادته على أن يكون التركيز على العمل والفعل لا على الأقوال ، وأن يتم تحويل الغضب إلى إنتاج ، وإلى نقاش وحوار وأفكار وخطط ، وليس إلى انفعالات أو أفعال غير مدروسة ومدمرة ، وبالتالي النتائج تكون أكثر تدميراً ، وهو ما يريده أعداؤنا ، فنحن نغضب ولكننا لا نتصدى ، وهناك فرق كبير بين الغضب وبين التصدي ، لذلك تستمر هذه الإساءات .
إذاً فالغضب وحده لا يكفي ولن يحقق شيئاً ، و لابد أن يقترن بالفعل إذا ما أردنا التصدي لأعدائنا المتربصين ولما يحيكوه لنا ، والمشكلة تكمن هنا ، فكيف نتصدى ومن أين نبدأ ، ولكن قبل ذلك يجب علينا أولاً أن نحدد العدو الحقيقي وأين يتواجد ، ومن ثم نفكر في الطرق المناسبة للرد والتي تكون أكثر جدوى وفاعلية من ردات الفعل الغاضبة والتي غالباً ما تؤدي إلى نتائج عكسية ، فيجب استثمار تلك المشاعر والانفعالات الغاضبة وتحويلها إلى أفكار منتجة وإيجابية يكون العقل هو المتحكم فيها لا العواطف والغريزة ، فبقدر ما يكون هذا الغضب مضبوطاً بالعقل بقدر ما تكون النتائج إيجابية وتحقق أهدافها ، وكما قال السيد الرئيس : غضبنا كرد فعل ولكن هذا الغضب لم يتحول إلى فكر ، لم يتحول إلى خطة عمل ، وعندما لا يضبط العقل الغضب يتحول كالعاطفة ، العاطفة شيء جميل وإنساني ، ولكن عندما لا تضبط العاطفة بالعقل تصبح ضارة .
والغضب إذا لم يتم استثماره بالصورة الأمثل يصبح حالة عابرة ومجرد تنفيس ، تصرف انفعالي مؤقت ويزول ، ولن نصل إلى الأهداف المرجوة ، لذلك لابد من وضع خطط للعمل وأن نحول هذا الغضب إلى نقاش وحوار وأفكار وخطط للوصول إلى الهدف المنشود في الانتصار على أعدائنا وردع كل متربص بنا ، والإسهام في بناء أوطاننا ومجتمعاتنا .
لذلك يجب التركيز على أهمية العمل ، لا الغضب ، فالعدو انتهازي ومتربص ليشوه حضارتنا وثقافتنا وعقيدتنا ، وهو يدرك من خلال التجارب السابقة أن شعوبنا لا تستطيع أن تقوم بشيء أكثر من الغضب ، لذلك نراه يكرر إساءاته لرموزنا ومعتقداتنا للاستثمار في النتائج السلبية لهذا الغضب ، مستخدماً الدين مطية للوصول إلى أهدافه ، وهو ما رأيناه ولمسناه تماماً في فرنسا التي يحاول رئيسها بين الحين والآخر وبعد كل حادثة وبشكل مفضوح استقطاب المصابين برهاب الإسلام وذلك ليزيد من شعبيته لأهداف انتخابية بحتة ، وهو ما ينطبق أيضا على نظيره التركي أردوغان الذي نصب نفسه محامياً للمسلمين والمدافع الوحيد عن قضاياهم بعد أن افتضح أمره وأكاذيبه لم تعد تقنع شعبه قبل انتخابات 2023 المقبلة .

إذا الأمر بات واضحاً فإذا ما أردنا أن نتصدى لأعدائنا ونقطع الطريق عليهم ، لابد من العمل المنتج وأن نحدد مسؤولياتنا وأهدافنا ونعتمد على قدراتنا وأنفسنا ، ونضع الاستراتيجيات والخطط الصحيحة والفعالة للعمل والبناء وحل المشكلات ، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لنا ، خاصة في ظل غياب سلطة القانون والردع الدوليين والأخلاق الدولية ، وأن نعمل دائماً على فضح هذا الغرب وفضح نياته وممارساته الخبيثة التي تسيء إلينا وتسيء إلى قيمنا ومبادئنا وتشوه الصورة الحقيقية للدين الإسلامي السمح لكي يحقق أهدافه الدنيئة

آخر الأخبار
إعزاز تحيي الذكرى السنوية لاستشهاد القائد عبد القادر الصالح  ولي العهد السعودي في واشنطن.. وترامب يخاطب الرئيس الشرع  أنامل سيدات حلب ترسم قصص النجاح   "تجارة ريف دمشق" تسعى لتعزيز تنافسية قطاع الأدوات الكهربائية آليات تسجيل وشروط قبول محدّثة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة  سوريا توقّع مذكرة تفاهم مع "اللجنة الدولية" في لاهاي  إجراء غير مسبوق.. "القرض الحسن" مشروع حكومي لدعم وتمويل زراعة القمح ملتقى سوري أردني لتكنولوجيا المعلومات في دمشق الوزير المصطفى يبحث مع السفير السعودي تطوير التعاون الإعلامي اجتماع سوري أردني لبناني مرتقب في عمّان لبحث الربط الكهربائي القطع الجائر للأشجار.. نزيف بيئي يهدد التوازن الطبيعي سوريا على طريق النمو.. مؤشرات واضحة للتعافي الاقتصادي العلاقات السورية – الصينية.. من حرير القوافل إلى دبلوماسية الإعمار بين الرواية الرسمية والسرديات المضللة.. قراءة في زيارة الوزير الشيباني إلى الصين حملات مستمرة لإزالة البسطات في شوارع حلب وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها