أرخت الحرب العدوانية على سورية بظلالها القاتمة والقاسية على مختلف مجالات الحياة وخلفت أضراراً كبيرة بمختلف القطاعات و من ضمنها قطاع التربية حيث أدت الحرب الممنهجة لتدمير الكثير من المدارس والمنشآت التعليمية بالكامل في العديد من المحافظات، ومنعت العصابات الإرهابية المسلحة الكثير من التلاميذ والطلاب من الالتحاق بالتعليم ودفعتهم للتسرب مما جعلهم يدفعون فاتورة باهظة ويتعرضون لشتى أصناف الاستغلال الجسدي والنفسي، وحدا بالكثير منهم للتسول والانحراف والجنوح والسرقة والإجرام نتيجة الغرق بمستنقع الجهل وقلة الوعي من جهة والفقر والبطالة وتفكك الأسرة من جهة ثانية حيث لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع فيه الكثير من حوادث النشل والسرقة والقتل والإجرام وتعاطي المخدرات وغيرها وهي آفات خطيرة يجب العمل لاستئصالها من جذورها.
الحرب على سورية لم تتوقف وهي مستمرة بكل أشكالها وألوانها ومخططاتها الاستعمارية القديمة والحديثة منها، والهدف هو إضعاف الشعور الوطني واستهداف وحدة وتماسك المواطنين وتمزيق هويتهم وتشويه المفاهيم وقلب الحقائق وبناء أجيال مشوهة ومسطحة بلا هوية ولا انتماء، وتعميق أشكال الاختلال الاجتماعي والتأسيس لمفاهيم وطروحات غريبة وبعيدة عن الواقع، وتوَسيع الهوة التي خلفتها الحرب وتكريس حالات التفكك والانقسام حتى ضمن الأسرة الواحدة والنيل من القيم الاجتماعية والأخلاقية وضرب حالة الأمن والأمان والاستقرار التي عاشها المجتمع السوري على مدار عقود مضت.
وانطلاقاً من ذلك وباعتبار الأطفال والتلاميذ وأسرهم ومدارسهم اللبنة الحقيقية والخلية الأولى في بناء المجتمع، لذلك يجب تحصين الأسرة وإصلاح التعليم في المدارس ورعايتها أولاً لأنه بصلاحها يمكن إصلاح وتحصين الأجيال وإعدادهم وبنائهم بالشكل السليم، ومعرفة الإجراءات الضرورية الواجب اتخاذها لمعالجة المشاكل الاجتماعية التي أحدثتها الحرب، واستعادة التربية والمدرسة لمكانتها وهيبتها كما كانت في السابق لتتمكن من أداء دورها المطلوب في مواجهة الغزو الثقافي الذي يستهدف أهم ما نملكه وهوعقول أبنائنا وهويتهم وانتمائهم ومستقبلهم.
أروقة محلية – بسام زيود