الثورة أون لاين – فؤاد الوادي
لم تعد الحروب تقتصر على الأسلحة التقليدية لتحقيق أهدافها ، بل هناك أسلحة خفية موازية لها قد تكون أشد فتكاً منها وأكثر دماراً وتخريباً ، وهي تستهدف العبث بالبنية الاجتماعية والنفسية للشعوب في الدولة المستهدفة ، بقصد التخريب والتدمير من الداخل بعيداً عن صخب وضجيج الأسلحة التقليدية ، وبأقل التكاليف والأثمان .
فبث الأخبار الكاذبة والشائعات وتزوير وتشويه الحقائق ، كان ولا يزال أحد أبرز هذه الأسلحة المستخدمة ضد الدولة السورية ، فمنذ اللحظات الأولى للحرب الإرهابية عليها ، وربما قبل ذلك بكثير ، بدأت حرب الشائعات والأكاذيب ضد السوريين ، حيث كانت جزءاً لا يتجزأ من المخطط العدواني للتأثير على الشعب السوري والدولة السورية ، وذلك بالنظر إلى دور وموقع سورية المحوري في المنطقة ومواقفها الثابتة والمبدئية والوطنية والأخلاقية والإنسانية من قضايا الأمة وقضايا العالم .
هذه (البروباغندا) المتوحشة جداً في كل مراحلها ، كانت تفتر حيناً وتشتد حيناً آخر ، تبعاُ للظروف والتغييرات والتحولات الميدانية والسياسية التي كانت تطرأ على المشهد ، لكنها لم تكن تتوقف أبداً ، كاشفة عن الحالة البائسة للمحور المعادي وأدواته المشاركة في الحرب من مواقع وإذاعات وصحف وتلفزيونات ووسائل إعلامية مختلفة ، كانعكاس وترجمة لحالة العجز والفشل التي كانت تصيب أطراف الإرهاب وأدواته ومرتزقته في الميدان عند كل مرحلة ، فعند كل منعطف أو تحول استراتيجي في الحرب على سورية كانت تتجدد هذه البروباغندا التضليلية في محاولة للتعويض عما خسره أصحاب المشروع المعادي ، وخلق فرص جديدة لإضعاف الوضع الداخلي والتأثير عليه سلباً من خلال نشر الشائعات والأكاذيب .
هذا الأمر يفرض على جميع أبناء الوطن ـ طالما الحرب مستمرة ولم تنته بعد – مواجهة تلك البروباغندا التي تجهد لزعزعة استقرارهم الداخلي وخلخلة انتمائهم الوطني وإضعاف روحهم المعنوية ، وذلك من خلال التحلي بالوعي والمسؤولية عبر الالتزام بما يصدر عن مؤسساتنا الوطنية الرسمية التي تقوم بدورها بتكذيب وتفنيد كل المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة ، التي تبثها وسائل الإعلام المعادية ، فالوعي الوطني ، ولاسيما في ظل الظروف والتحديات التي نعيشها ، يعدّ أحد أهم مقومات وعوامل الانتصار في الحرب التي نخوضها ، وهذا الوعي يحقق هدفه المنشود ، عندما يصبح نهجاً وطنياً وأسلوب حياة يحصن أبناء المجتمع ضد كل الشائعات والأكاذيب والحروب الإعلامية التي تستهدفهم ، وتحاول النيل من انتمائهم وشعورهم وثوابتهم الوطنية .
إن نحو عشر سنوات من الحرب الإرهابية الفاشلة على سورية أكدت بما لا يدع مجالاً للشك ، صعوبة بل استحالة أن تؤثر محاولات الأعداء البائسة بخياراتنا الوطنية وقراراتنا المصيرية ، أو أن تغير في النهج الذي سارت عليه سورية منذ عقود طويلة ، وهو النهج الذي أكسبها هذه المكانة المتقدمة والدور المحوري على صعيد المنطقة والعالم ، لأنه نهج وطني يعكس مصالح الشعب والأمة ، وأثبتت أيضا استحالة أن ينجح الخونة والمرتزقة والمأجورون في بث روح الضعف واليأس والهزيمة في نفوس أبناء وطننا ، وقد أذهلوا العالم بشجاعتهم وقدرتهم على مواجهة أعتى ظروف الحرب والعدوان والضغوط السياسية والاقتصادية ، وهذا ليس من باب الاستعراض أو المبالغة ، وكما نجح السوريون في إلحاق الهزيمة بمنظومة الإرهاب وداعميها ، سينجحون أيضاً في إفشال حرب الشائعات والأكاذيب التي يبثها محور العدوان بين الحين والآخر كتعبير عن إفلاسه وعجزه