الثورة أون لاين – حسين صقر:
من منا لم تواجهه مشكلة صحية في منزله، وأخذته الحيرة في أمره لعدم قدرته على اتخاذ القرار المناسب، ولاسيما عندما يتطلب الأمر عملاً جراحياً لأحد أفراد العائلة، سيضطر على أثره لإزالة أحد أعضاء الجسم، أو بتر في أطرافه أو أجزاء منها.
الأمر فقط يتطلب بعض الوعي الصحي كي لا يخضع لأي عمل خاطئ، يجعله نادماً بسببه طول العمر، لذلك من الضروري أن يكثر صاحب تلك الحالة من الاستشارات الطبية، والقراءة عن هذا الموضوع أو ذاك، لا أن يستسلم مباشرة، وبمجرد زيارة الطبيب، لأنه كثيراً ما تواجهنا حالات تشخيص خاطئة، وتقديرات مغلوطة للمرض، لذا فالوعي الصحي ضروري، وثقافة المرء الصحية أمر في غاية الأهمية.
بالتأكيد الوعي الصحي الكافي في المجتمعات، لن يؤدي لانقراض الأمراض، لكن بالتأكيد سيؤدي للتقليل منها، كما يخفف من الأمراض الوبائية والمعدية، ويساهم في تغيير السلوكيات الخاطئة، وغرس قيم السلوك الصحي السوي، ويساعد الأشخاص في فهم التشخيص الصحيح للمرض، و كذلك يساعد الطبيب في كيفية ذلك التشخيص، بالإضافة لفهمهم بالتوجه إلى الطبيب المختص.
“الثورة” التقت بعض الفعاليات التي عبر كل شخص عن فهمه لموضوع الوعي الصحي، وقالت السيدة ريماس عبده مدرسة وربة منزل: إن معرفة بعض المعلومات عن المرض الذي يصاب به أحد أفراد العائلة يساعد في تسريع العلاج، وذلك من خلال التقيد بالمسموح والممنوع وتناول الدواء في موعده المحدد، والاطلاع على التأثيرات الجانبية للعقاقير الطبية، والتعرف على الحالات المشابهة التي يشكو منها المريض، موضحة أن الوعي الصحي يدخل في كافة مجالات الحياة، وبهذا نضمن مجتمعاً خالياً من الأمراض إلى حد ما .
بدوره قال المحامي كميل علي: بأن الوعي الصحي من ضرورات الحياة التي يجب أن يتعامل معها الفرد والجماعة بكل مسؤولية، لأنه يشكل أهم خطوط الدفاع عن الصحة الفردية والمجتمعية، كي تتحقق المقولة المعروفة “الوقاية خير من العلاج”، فمثلاً، تجاهل التحذيرات الدائمة عن موضوع التدخين ينم عن عدم التعامل بمسؤولية مع هذه الآفة الخطيرة، ناهيك عن الكثير من الممارسات التي تتعارض مع أسس الوقاية الصحيحة، كما أن التساهل بالإجراءات الاحترازية المضادة لفيروس كورونا الذي نعاني آثار انتشاره حتى الآن، أيضاً يساهم في إطالة أمده، وأضاف أن انتشار ظاهرة الباعة المتجولين للأكلات الشعبية دون مراعاة الجوانب الصحية وتهافت الناس عليها دليل آخر على عدم الاهتمام بالوعي الصحي، بالوقت الذي يتبع فيه البعض عادات غذائية خاطئة تؤثر سلباً على الوضع الصحي العام.
مدرسة الرياضة عبير شعيب أكدت أن تجاهل بعض النصائح التي تساهم بتحسين الوضع الصحي كمارسة الرياضة اليومية مثلاً، أو المشي بقدر معين هو أحد مؤشرات تدني الوعي الصحي، فهذا ليس نشرات خبرية صحية أو لافتات تقرأها الناس إنما منظومة سلوكيات يتم ممارستها بانتظام، وأوضحت هذا مجرد مثال على عدم اكتراث السواد الأعظم من الناس بهذه النصيحة، وقس عليها قضايا أخرى كثيرة مهمة.
من ناحيته قال المهندس عبد الرحمن السلطي: للأسف لا يوجد وعي صحي كاف في مجتمعنا، حيث إن المواطنين لا يفرقون بين الأكل الصحي والسيئ ، ولاسيما مع انعدام الرقابة عن محاسبة التجار للمواد الاستهلاكية غير الصحية، لأن المستهلك غالباً لا ينتبه إلى تلك الأمور، حيث قلة الوعي تؤدي إلى مشاكل بين المواطن والطبيب، وكذلك هدر بالمجهود الصحي والدوائي، وأيضا تؤدي الى انعدام الثقة بين المريض والطبيب.
بدوره قال الدكتور سالم عليان الاختصاصي في الأمراض الباطنية: إن التوعية الصحية تعد أساس تقدم المجتمعات من خلال حث الناس على تبني نمط حياة وأسلوب صحي سليم، وهذا لن يتحقق إلا من خلال وجود مرحلة من التثقيف الصحي بغية نشر المفاهيم الصحية السليمة في المجتمع، وعليه فإن واقعنا يؤشر غياب هذا الوعي، نظرا لغياب عملية التثقيف والتوعية الصحية السليمة، التي من خلالها يمكن الارتقاء بمستوى الوعي الصحي في المجتمع، عبر الاعتماد على آليات ووسائل منهجية تساهم في التحذير من الممارسات الصحية الخاطئة، وقد ترتب على غياب الثقافة والوعي الصحي انعدام الثقة بين المواطن والمؤسسات الصحية المسؤولة في هذا المجال، ما يتطلب من كافة المؤسسات الصحية والإعلامية والتربوية والتعليمية إعطاء هذا الأمر حيزاً كبيراً في برامجها كونه ضرورة ملحة من أجل نشر الثقافة الصحية بين فئات المجتمع.
وأضاف عليان يرتبط مجال الصحة العامة ارتباطاً وثيقاً بالخبرات الطبية والصحية، والتي تختلف من طبيب لآخر، بالإضافة لحداثة المؤسسات الصحية والأجهزة والمستلزمات الطبية والدوائية والإدارة والكوادر الكفوءة لتلك المؤسسات من أطباء و فنيين وحلقات أخرى، لأن لكل شخص دوره في هذا المضمار، وأقول حتى الطبيب الذي يراجعه مريض ما من نفس الاختصاص، يتطلب منه الضمير المهني أن يدله على من هو أقدر منه وأكفأ، لأن الطبيب المتصالح مع ذاته تهمه صحة المريض أكثر من سمعته.
لذلك فالحاجة ماسة لثورة صحية وبرامج صحية وتوعية المجتمع بما يجري من حوله وكل ذلك هي من مسؤولية الدولة والأسرة ليعيش المجتمع بصحة وسلامة.