الثورة أون لاين – غصون سليمان:
يعاني الأهل بشكل عام من فوضى استخدام وسائل الميديا المختلفة من قبل الأبناء والتي باتت الشغل الشاغل بشكل عام اليوم، وأثرت على سلوكهم خاصة من ناحية الإسراف في هدر الوقت وقضاء ساعات طويلة لا سيما في المراحل الدراسية الأولى أي ما قبل الجامعة. وبعيداً عن برامج التسلية وغيرها التي تستهوي العديد من الشباب والشابات. فإن المشكلة باتت أبعد بكثير من ذلك، فهناك جهات عديدة أخذت تستثمر في هذا الجانب لكن باتجاه مغاير كلياً عما يستهويه المرء ويريده من فوائد بما يخدم عمله ودراسته وحياته العامة.
في حديث متبادل ذكرت العديد من الزميلات والأمهات كيف أن أحوال بعض أبنائهن أخذت تتغير بشكل سلبي من خلال التأثير النفسي نتيجة متابعة بعض المواقع والتي أقل ما يقال فيها إنها عدوة ومنتجها ذميم الهدف سلبي الغاية، فهي تجيد فن الترويج لفكرة تسميم عقول الشباب وتجمل لهم بخطوات سحرية كاذبة ألوان من الكآبة والحض على فعل الانتحار بعد قطع سلسلة من متاهات الاستسلام والإحباط من أوضاع راهنة يتم تضخيمها وتهويلها
ما يدفعهم إلى الرغبة في السفر والضغط على الأهل، أو دفعهم لتعاطي المخدرات ليسهل السيطرة عليهم.
تعقب إحدى السيدات بالقول إن ابنها طالب جامعي ومدمن على حب تغيير وتجديد أجهزة الموبايل كل فترة ، لكن اللافت هو استغراقه ساعات طويلة لا سيما في الليل بالدردشة مع أصحابه عبر النت، وبمتابعة خفية له تمكنا من معرفة بعض مما يراه لنصدم بأن هناك أشياء تقنية قادرة على تغيير عقول الشباب في مختلف المراحل العمرية وهي عقول شبابنا وبناتنا بعيداً عن أي حسيب أو رقيب.
وإذا ما نظرنا إلى أنفسنا والواقع الذي نعيشه بعين الدقة منذ انطلاقة ثورة التكنولوجيا بمؤثراتها الرقمية على مستوى العالم وحركت كل ميادين الحياة، فمن الطبيعي ربما أن يلجأ أصحاب المصالح والمشاريع الاستعمارية إلى استعباد واستغلال الشعوب والمجتمعات بوسائل وأسلحة غير تقليدية وهي تسميم الفكر والعقل والنفس عن طريق أبسط الأشياء وأعقدها في آن معاً.
وبالتالي نجد أن مناخات الحروب القذرة وما تفرزه من فوضى وتهميش وجوع وفقر وتهجير هي المناخ الخصب للسيطرة على عقول الشباب المستهدف والتأثير عليه وفق رؤية سوسيولوجية لأي دولة أو منطقة في العالم.
حيث تبدأ رحلة البحث المدمرة من خلال اختراع قصص كارثية وهمية ، وتقديم إغراءات من العيار الخفيف والثقيل لرميهم في شباك الأوهام والسيطرة عليهم ودفعهم إلى عداء بلدهم ووطنهم.
هذا الواقع المرير ربما ساعد فيه أسر وعوائل عديدة عندما ساهمت وجاملت
بعض أبنائها.. بشراء جهاز موبايل بأسعار مرتفعة دون مراعاة المرحلة العمرية لضرورة استخدامه واقتنائه.
لقد بات معظم الناس يغلب عليهم طابع التشاؤم، فالكبار يتذمرون أمام الصغار دون مراعاة لحساسية تكوين الانطباعات السلبية، وبدل أن نعمل على تحصين الجيل بتعزيز قدراته وثقته بنفسه ومحاورته وجذبه إلى حضن أسرته وانتمائه لأرضه، ينساق الغالبية وراء عاطفة الأبناء فيسعى جاهداً إلى إلهائه قبل الأوان بأعباء الموبايل وما يترتب عليه من ضياع وسرقة للوقت والقيم إن لم يكن يدرك خلفيات وسائل الإحباط ومواقع النت التي باتت بلا هوية سوى تدمير وتخريب الجيل الناشىء حسب المخطط والمشروع المرسوم له.