الثورة أون لاين – غصون سليمان:
بدفء قلبها وعواطفها النبيلة احتضنت سنوات من العمل الدؤوب والتعب المضني، وعرش على جدران مدارسها فيض من مشاعر المحبة والإلفة والإنسانية.
كانت على قدر المسؤولية التي أولاها إياها القائد المؤسس حافظ الأسد حين دعاها لتكليفها بالإشراف على هيئة مدارس أبناء الشهداء وحين بدت الرهبة على ملامحها رنت على مسامعها عبارة “ما هذه السمعة العطرة يا شهيرة” لتعطي هذه الحروف بدقة ملاحظته طاقة لا حدود لها من السرور والراحة النفسية والقدرة على تحمل المسؤولية حيث كان في قمة التواضع الذي يجعل الآخر يعمل برغبة لا حدود لها.
شهيرة فلوح سيدة سورية عكست أصالة المرأة المكافحة المناضلة بكل التفاصيل وغدت كنجمة بددت الكثير من العثرات وفتحت بمثابرتها منارات في فن التعامل مع الطفولة التي فقدت مشاعر الأبوة وهم يخوضون معركة الكرامة في كل ميادين الشرف والقتال لتعوضهم هي ومن يعمل معها على النهوض بأساليب تربية توائم حالتهم النفسية والاجتماعية.
السيدة شهيرة فلوح وعلى مدى أربعين عاماً من العطاء وإنجاز ما يجب إنجازه بدعم مباشر من القائد المؤسس حافظ الأسد واليوم تكرم من سيد الوطن الرئيس بشار الأسد بمنحها وتقليدها وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة في السابع عشر من شهر كانون الثاني عام ٢٠٢١.
عن هذه المناسبة وغيرها من ذكريات العمل الدؤوب كان لنا شرف اللقاء مع هذه القامة الوطنية برفقة فريق عمل التربوية السورية في منزلها ليأخذ الحوار طابعاً أكثر حميمية وصورة صادقة عن واقع ووقائع يشهد لها نتاج عمل وإنجاز حيث كانت متيقظة ومتأهبة على الدوام.
تصف السيدة فلوح مناسبة الاحتفالية بالقول: يحق لي أن أفتخر وأتباهى بوسام سيد الوطن الرئيس بشار الأسد الذي أعطى فأجزل العطاء، وغمرني بكل المحبة والاهتمام ولكن هذه اللفتة الكريمة من سيادته ستأخذ مني وقتاً أطول لنلبي حاجات المجتمع السوري المعروف بقيمه وعطائه. فالتكريم أكثر من جميل لكن المسؤوليات أكبر بكثير
ما يستوجب أن نقف عندها ونعمل بحيث يصل ما نريد تحقيقه بكل أريحية ومحبة وصدق وأمانة لمن هم بحاجة إلى الرعاية والاهتمام، فقد أعطى سيد الوطن الكثير للمرأة والطفل ولكل مناحي الحياة، حتى نصل إلى شاطىء الأمان وننقذ سورية من الظلم الذي تتعرض له نتيجة الحرب العدوانية وتداعيات الظروف السيئة، فصمود الجيش العربي السوري وتضحياته الجسام وعطاؤه اللامحدود ليس له مثيل في العالم فهم مثال متجدد لا ينضب ذكره أبداً في وجداننا ووجدان أبنائنا.
في مدارس أبناء وبنات الشهداء، حيث لم نبخل بالعطاء على هؤلاء فهم أبناؤنا، ولولا دماء آبائهم لما بقينا صامدين، فسورية تستحق أن يبذل من أجلها كل غال ونفيس.
*متابعة مستمرة
وتضيف السيدة فلوح بأن دماء الشهداء لم تذهب سدى فهم مكرمون من قبل القائد المؤسس حافظ الأسد الذي رعى أبناء وبنات الشهداء بكل محبة، والآن على نفس الوتيرة السيد الرئيس بشار الأسد الذي يتابعهم وسيدة الياسمين بكل دقة واهتمام بالغين.
تقول فلوح نعمل بصمت فالعمل مع الأطفال يجري بصمت لأن هؤلاء هم أمانة نتعامل معهم بكل محبة، والطفل برأي السيدة فلوح إذا أحببناه وغمرناه باللطف والحنان نصل معه لما يريد ونريد. فعلى المحبة نلتقي شعار جسدته قولاً وفعلاً وسلوكاً
*الشهادة تجمعنا
الشهادة تجمعنا وهي قيمة من قيم الشهداء و رسالة مقدسة هكذا علمنا إياها القائد المؤسس حافظ الأسد الذي أعطى جل وقته لأبناء وبنات الشهداء وقد عملت السيدة فلوح وفريقها المشرف على هذا الأساس، بتعزيز قيم المحبة والاحترام وعشق الوطن وهي جميعها من قيم الشهادة.
وهنا تروي صاحبة القلب الكبير الأم فلوح من ذكريات القائد المؤسس حين كان في زيارة للجزائر وصادفت نهاية امتحانات الثانوية العامة وكان من المقرر أن نأخذ البنات إلى نادي الرماية للترفيه مع رفاقهم وأساتذتهم، وقبل الخروج في الساعة الواحدة اتصل مكتب السيد الرئيس”ابو سليم” ليخبرها بأن الطالبات اللواتي أردن رؤية السيد الرئيس، دعيهم عندك ليوم غد الذي كان يصادف يوم الجمعة لنفاجأ بأن هناك ست عشرة طالبة طلبت مقابلته، فكان يأخذ كل ثلاث ويجلس معهن نصف ساعة يستمع إليهن ويعرف ما هي الحالات الصعبة عندهن، وبعدها يرسل لي ما يجب القيام به. وهذا غيض من فيض، فالقائد الخالد كان بقمة الإنسانية التي لا توصف ، حيث العطاء غير محدود وبالنسبة لأبناء الشهداء فمدارسهم مجهزة ومتميزة بكل ما يحتاجه الطالب من غذاء وكساء ورعاية صحية وجميع ما تتطلبه العملية التربوية ، لافتة إلى موافقة القائد الخالد على تعليم اللغة الانكليزية والفرنسية منذ الصف الأول وقد نجح المشروع لكن الصدمة وقت ذاك كما تقول فلوح أنه لم يكن لديهم مناهج لتعليم اللغات لهذه المرحلة ما جعلهم يعتمدون على بعض الأشخاص والجهات لإقامة دورات للمعلمات ليساعدن في هذا الجانب وكان الأمر محققاً، بالإضافة إلى إرسال ١٥٠ طالباً وطالبة إلى ألمانيا الديمقراطية في إطار الاتفاقيات المتبادلة لكوادر الطلائع والشبيبة حيث تميزت سورية في العديد من المؤتمرات والندوات. وحصدت نتائج إيجابية جداً فمن منا لا يذكر تلك المناسبة الرائعة حين غنت الطفلة السورية هالة صباغ “أعطونا الطفولة، أعطونا السلام”
معاناة من رحم الواقع
لأن العمل ليس سهلاً في المدارس الداخلية فهو يحتاج الوقت والمحبة والتفاني، حتى نستطيع أن ننشىء ابن الشهيد على المحبة والفرح والتفاعل، فكل ما أحب المرء عمله يعطي أكثر. والسيدة فلوح مؤمنة بعملها ومؤتمنة عليه حد العبادة فهي محظوظة بأشخاص يؤمنون بالشهادة أنها رسالة وليست عملاً ووظيفة. فقد تضاعفت الأعباء في ظروف الحرب نتيجة ازدياد أعداد الشهداء وما خلفته من ويلات ما جعل إدارة هيئة مدارس أبناء الشهداء تستنفر جهودها المعهودة برعاية مباشرة من السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة أسماء الأسد فهما يتابعان كل صغيرة وكبيرة، فيما يتعلق بأوضاع الطلاب من فرح وتعليم وأنشطة مختلفة، حيث المدارس مزودة بمسارح نموذجية ومطاعم من الدرجة الممتازة، فالغاية ألا يكون ابن الشهيد محروماً من شيء، وبالتالي عليه مسؤولية، وكما يأخذ عليه أن يعطي وطنه وبلده وأن نغرس في نفس كل طفل وطفلة عشق التضحية وحب الوطن.
وتضيف السيدة فلوح ما قاله الوفد الروسي أثناء زيارات الوفود المتبادلة والمتكررة “أنتم أحسن منا بما تقدمونه للشهداء، إذ لا توجد دولة في العالم كرمت الشهيد في الحرب إلا سورية. مع ملاحظة أن أبناء الشهداء يعيشون في جو مثالي وأن نسبة نجاح البنات في المدارس بشكل عام ١٠٠% ، وهم يعيشون شعور النظافة على أرض الواقع بشكل حقيقي ممارسة وفعلاً، ويعتمد على الأبناء المتميزين في المساعدة، لأن الطموح أن نعمل أكثر نحو الأفضل.
رغم مرورنا في ظروف صعبة خلال السنوات العشر الأخيرة كان الأولاد فيها بحالة صحية مزعجة إضافة إلى أمهات وزوجات الشهداء ما جعلنا نقوم بدورات توعية للأمهات قبل الأبناء.
والتأكيد على أن القائمين على مدارس أبناء الشهداء هم منذورون لموضوع الشهادة.
وصايا الأمان والاطمئنان
وتنصح الأم الحنون فلوح وهي على قدر كبير من التجربة والخبرة الحياتية واإانسانية أن نستفيد نحن ويستفيد الجيل من الظروف التي مررنا بها، وأن تكون جميع الكوادر التعليمية والإشرافية، بمقام الأهل، فهي أكثر ما يزعجها أن توجه أي ملاحظة أو انتقاد لأي طالبة قبل الطعام، وإنما إخبارها بالملاحظة، لمعالجة الأمر.
تفاصيل كثيرة لا تفي مادة صحفية واحدة لإعطاء هذه السيدة السورية حقها في الإضاءة على محطات مختلفة من عمرها وزمانها العلمي والعملي. فالسيدة شهيرة فلوح تسلمت إدارة هيئة مدارس أبناء الشهداء عام ١٩٨١ بعد أن عاشت تجربة كفاح متميزة للمرأة في منظمة الاتحاد العام النسائي سابقاً، ونضالها أيضاً على مقاعد البرلمان في مجلس الشعب لتصبح اليوم المربية الفاضلة على مستوى الوطن من خلال احتضانها لأولاد وبنات الشهداء.