السباحة عكس تيار الإنجاز الميداني، والغوص عميقاً في مستنقعات الوهم الانفصالي، واللهاث المحموم لاستباق الهزيمة المنتظرة عبر رفع حدة السعار العدواني في الجزيرة، هي الخطوط العريضة للمرحلة الحالية والتي تستميت فيها واشنطن وأدوات إرهابها من نظام تركي مجرم وميليشيا انفصالية عميلة ومرتهنة، بكل ما لديهم من مخزون إرهابي يصبونه دفعة واحدة ليغلي مرجل الجزيرة وتستعر الجبهة الشرقية، لعل دخان العدوان يحجب الرؤية ويغطي على عمليات اللصوصية وسرقة مقدرات السوريين المرتكبة بكل فجور وعلى الملأ الدولي، والغاية من هذا التسعير المتعمد في الوقت الأخير من عمر إرهاب تشظت حلقاته وانهارت تحصيناته على امتداد الجغرافيا السورية، هي محاولة تحصيل ما أمكن من فتات مكتسبات احتلالية في المنطقة الشرقية من الخريطة السورية.
لن تتغير سياسة واشنطن في منطقتنا وإن تقنعت إدارتها الجديدة بقناع الدبلوماسية، طالما غايات النهب والجشع هي من يقود خطوات أركان إداراتها وهي هاجس لا يفارق حكامها ولأجله تفتعل حروباً إرهابية وتشعل حرائق أزمات وترمي بشعارات حقوق الإنسان التي ترفعها لغزو الدول واستباحة أمنها وسلام شعوبها في سلة مهملات وزارة حروبها.
فأميركا بايدن لن تخلع رداء الهيمنة التسلطية ولن تقفل صندوق شرورها الذي منه ترسل أفاعي الإرهاب إلى جغرافيات منطقتنا، ولن تقلم مخالب تدخلها السافر في شؤون دول المنطقة، وهذا ليس تنبؤاً واستباقاً لتوجهات إدارته في التعاطي مع ملفات منطقتنا بل دراية بواقع حال الرغبة الجامحة لمد نفوذها الاستعماري سواء العسكري أم السياسي أم الاقتصادي، وما التصريح الأخير من قبل الناطق باسم خارجية بايدن بضرورة استمرار فرض الحصار الجائر والخانق على مقومات حياة الشعب السوري ودس سم واشنطن في أكذوبة سعيها لحلول سياسية، إلا تأكيد على أن النفث في عُقد الإرهاب بأشكاله جميعها هو ذخيرة واشنطن لاستكمال عربدتها في الأراضي السورية.
وإذا أجبنا عن السؤال الأهم الذي يقول لماذا أنشئ الإرهاب أميركياً وما دوافعه وغاياته، وهل انتهت هذه الغايات بتبدل لبوس الإدارة الأميركية، نكون قد اختصرنا على أنفسنا كماً كبيراً من التخمينات والاستفسارات عن ماهية الإدارة الجديدة والطرق التي ستسلكها، وأزحنا الستار عن خباياها غير المعلنة، فمن أشعل نيران الإرهاب ليبيح لنفسه هيمنة وتسلطاً عدوانياً وسرقة، لن يخمد نارها، طالما الغاية موجودة ومتأصلة لا يغيرها تبدل ثعالب البيت الأبيض وتلون دبلوماسيتهم، وما التسعير العدواني الأخير من قبل ميليشيا قسد وإخراج داعش من جحوره وتعويم ورقة عودة إرهابه على سطح المشهد السوري إلا مؤشرات على أن أميركا بايدن هي امتداد للإدارات السابقة في اعتماد الإرهاب مطية للتدخل السافر في شؤون الدول.
لكن رغم إعادة تعويم الاستعصاء في الحلول التي تحاول واشنطن اللعب مجدداً على حبال الأكاذيب فيها، ومحاولة تفخيخ سكة التحرير المستكمل بهمة أكبر وتصميم أقوى من قبل الدولة السورية، تبقى إنجازات الميدان وحدها ما يرسم خرائط استكمال التحرير وتخطي مفخخات التعطيل لاستعادة ما تبقى محتلاً ومختطفاً من الأراضي السورية، ووحدها ما يضمن عودة دوران عجلة التعافي مهما استمات الواهمون والمتآمرون.
حدث وتعليق- لميس عودة