الثورة أون لاين – دينا الحمد:
بعد أن أعلنت روسيا مؤخراً عن دخول اتفاق تمديد معاهدة “ستارت 3” حيز التنفيذ، فإن السؤال البديهي الذي يطرح نفسه هنا هو: هل ستلتزم الولايات المتحدة بتعهداتها، التي تضمنتها المعاهدة أم إن الأمر لا يعدو كونه تضليل أميركي، ولاسيما أن واشنطن وقعت على الكثير من الاتفاقيات الدولية ثم انسحبت منها أو على أقل تقدير لم تف بكامل التزاماتها حيالها؟!.
قبل الإجابة عن هذا السؤال الهام لا بد من التذكير بأنه تم في الثالث من شباط الجاري في مقر الخارجية الروسية تبادل المذكرات بين موسكو وواشنطن (ممثلة بالسفير الأميركي لدى روسيا) بشأن الانتهاء من الإجراءات الداخلية اللازمة لدخول اتفاق تمديد معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية المعروفة ب”ستارت3″ حيز التنفيذ، وبناء عليه دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في اليوم نفسه، وأشار البيان الصادر عن الطرفين إلى أن المعاهدة ستكون سارية بالشكل الذي تم التوقيع عليه دون تعديل أو إضافات حتى الخامس من شباط 2026.
التوقيع على دخول “ستارت 3” حيز التنفيذ جاء بعد نحو أسبوعين من تسلم جو بايدن رئاسة أميركا، وبعد سلسلة من قرارات للأخير طوت قرارات كان قد أصدرها دونالد ترامب، والتي حاول من خلالها الرئيس الجديد الإيحاء للعالم، وربما إيهامه، بأن أميركا ماضية في تصحيح سياساتها وعلاقاتها الدولية، وبعد أن روّج فريق بايدن بأنهم بذلوا جهوداً كبيرة لإحياء “نيو ستارت” وأنهم سيبددون مخاوف العالم من التداعيات الماضية.
لكن الماء يكذب الغطاس كما يقال فكم كذبت أميركا على العالم بمسائل حقوق الإنسان والتسلح وإذ بها تمارس العكس على أرض الواقع، وربما يكون سلوكها لاحقاً فيما يتعلق ب”ستارت 3″ هو السلوك ذاته في تلك القضايا!.
إذاً معاهدة “ستارت 3” للحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية باتت في حيز التنفيذ، وبقي أن يرى العالم سلوكاً أميركياً مختلفاً كما تعهد بايدن، بل ويناقض السلوك المتغطرس والبلطجي الذي اعتاد العالم عليه في عهد ترامب وحتى قبله من الإدارات السابقة، وخصوصاً أن المفاوضات حول تمديد المعاهدة المذكورة كانت قد فشلت فشلاً ذريعاً مع إدارة ترامب التي وضعت شروطا صعبة لتمديدها، بينما كانت روسيا مرنة خلال السنوات السابقة، وأعربت مؤخراً عن استعدادها لبدء اتصالات فورية مع إدارة بايدن بهدف تمديد المعاهدة، كما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد وقع على القانون الفيدرالي بشأن التصديق على اتفاق تمديد المعاهدة المؤرخة في الثامن من نيسان 2010 لمدة خمس سنوات.
جدير بالذكر فإن معاهدة “نيو ستارت” وقعت في نيسان 2010 في مدينة براغ عاصمة جمهورية التشيك بين الرئيس الأميركي السابق أوباما ونظيره الروسي ميدفيدف، واتفق الطرفان على تخفيض الحدود القصوى للرؤوس الحربية الهجومية الإستراتيجية العابرة للقارات بنسبة ثلاثين بالمائة والحدود القصوى لآليات الإطلاق بنسبة خمسين بالمائة، وأعادت المعاهدة التعاون بين البلدين، وتم التوقيع عليها رسمياً في شباط 2011 بعد تصديق الكونغرس ومجلس الدوما عليها.
وكعادة أميركا في التنصل من الاتفاقيات الدولية فقد رفضت إدارة ترامب السابقة البحث في تجديد أمد الاتفاقية الزمني، واعتبرت أن الإدارات التي سبقتها أخطأت في التقيد بهذه الاتفاقية، فهل يعيد التاريخ نفسه ونرى بايدن على خطا ترامب وأن ما جرى هو ذر للرماد في عيون روسيا والعالم؟!.