من نيويورك إلى دمشق.. أصوات السوريين تتردّد في كل الأرجاء 

الثورة – لينا شلهوب:

شهدت الساحة السورية اهتماماً واسعاً بزيارة الرئيس أحمد الشرع إلى نيويورك، إذ يشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أول حضور لرئيس سوري منذ عام 1967، هذه المشاركة لم تقتصر على حضور جلسة دولية، بل مثّلت بنظر كثيرين منعطفاً في موقع سوريا على الخارطة السياسية، ومحاولة لإعادة فتح قنوات التواصل مع العالم.

كسر العزلة

وللوقوف على انطباعات السوريين بعيداً عن اللقاءات الرسمية، التقت “الثورة” الخبير الإداري والقانوني وصفي أبو فخر، الذي اعتبر أن الزيارة بمثابة رسالة سياسية مركّبة، وقال: منذ سنوات طويلة، كانت سوريا بعيدة عن المنابر الأممية على مستوى الرئاسة، وعودة رئيس الجمهورية إلى هذا المحفل تعني أن دمشق تسعى إلى تثبيت حضورها، وإعادة تقديم نفسها كشريك فاعل في الساحة الدولية. ويرى أن هذه المشاركة تفتح الباب أمام حوار جديد مع القوى الدولية، وإن كانت الطريق لا تزال مليئة بالتحديات، مشيراً أن زيارة السيد الرئيس إلى نيويورك ليست مجرد لقاء بروتوكولي، فهي تأتي في ظرف إقليمي ودولي حساس، إذ تسعى سوريا إلى إعادة بناء علاقاتها مع المجتمع الدولي بعد عقود من التوتر.

كما أوضح أبو فخر أن المشاركة في الجمعية العامة تحمل عدة رسائل.. عودة سوريا إلى المشهد الدولي بوجه رسمي، ومحاولة كسر عزلة استمرت لعقود، وتوجيه رسالة إلى السوريين في الداخل والخارج بأن الدولة تستعيد زمام المبادرة. وأضاف: إن اللقاء مع الجالية يعكس الإدراك لأهمية المغتربين كجسر بين الداخل والخارج، سواء من الناحية الاقتصادية عبر التحويلات والاستثمارات، أم من الناحية المعنوية في تصحيح الصورة النمطية عن سوريا، علاوة على ذلك فإن السوريين يعلقون آمالاً كبيرة بعد سنوات عانوا خلالها الأمرين نتيجة العقوبات المفروضة، ونتيجة المواقف الدولية من حكومة النظام البائد، آملاً ألا تخيّب مواقف ومصالح الدول والتوازنات الدولية آمال السوريين في تحقيق التنمية، وألا تنعكس سلباً على آمالهم في تحقيق مصلحة الدولة، والرخاء الاقتصادي، ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط.

أملٌ بفتح الأسواق

من جانبه، يشير الاقتصادي سمير درويش إلى أن الزيارة تحمل بعداً اقتصادياً لا يقل أهمية عن السياسي، وإذا نجحت هذه الخطوة في إعادة بعض القنوات الدبلوماسية، فذلك سينعكس تدريجياً على الاقتصاد، لذا قد نشهد انفراجات في ملف العقوبات، أو فتح أسواق جديدة للمنتجات السورية، ما ينعكس على فرص العمل والاستثمار. وبيّن أن مشاركة السيد الرئيس في نيويورك قد تفتح المجال لمفاوضات أو تفاهمات تسمح بمرونة أكبر في التعامل مع الملف الاقتصادي، مشدداً على أن النتائج تحتاج وقتاً لكنها بداية مشجعة.

في الجانب الاجتماعي، ترى الباحثة الاجتماعية هناء بركات أن السوريين يتطلعون إلى نتائج ملموسة، قائلة: هناك شعور بالفخر لدى الناس لرؤية رئيسهم يخاطب العالم، لكن التحدي الحقيقي هو في استعادة الثقة بين الدولة والمجتمع، وعرجت على أن هذه الزيارة خطوة رمزية قوية، لكنها تحتاج أن تترجم إلى تحسينات في الخدمات، ودعم للطبقات المتضررة، منوهة بأن الانعكاسات الاجتماعية لا تقل أهمية عن السياسية، إذ يمكن أن تسهم الزيارة في تخفيف شعور العزلة والقلق لدى المواطن السوري الذي يعيش يومياً تحت ضغوط اقتصادية ومعيشية قاسية.

جسر بين الداخل والخارج

أما عن دور السوريين في المهجر، فقد أجمع معظم الخبراء الذين استطلعنا آراءهم على أن المغتربين يشكّلون “ذخراً استراتيجياً” للوطن.

الخبير التربوي فراس عزام، يرى أن المغتربين هم صوت سوريا في الخارج، فأبناء الجاليات يمتلكون القدرة على تصحيح الصورة النمطية عن سوريا، سواء عبر الإعلام، أم عبر تواصلهم مع المؤسسات في دول إقامتهم، وهذا الدور لا يمكن للدولة أن تقوم به وحدها.

من جهته، يؤكد الاقتصادي سمير نحلاوي على البعد الاقتصادي لدور المغتربين، مبيناً أن التحويلات المالية من المغتربين تمثّل أحد أهم شرايين الاقتصاد السوري في هذه المرحلة، وإذا تم استثمارها عبر قنوات منظمة ومشاريع إنتاجية، يمكن أن تساهم بفعالية في إعادة الإعمار وتحريك عجلة التنمية.

الكاتب والإعلامي سامي الصائغ يختصر الموقف بالقول: هي خطوة أولى على طريق طويل، لا يكفي أن يكون لنا حضور في الأمم المتحدة، بل يجب أن نواكب ذلك بسياسات داخلية قوية تعيد الأمل للسوريين وتفتح الباب لعودة المغتربين إلى الاستثمار والعمل في وطنهم.

مشهد اللقاء في نيويورك

لدى التواصل مع المغترب ضياء شهاب عبر “الواتساب”، سرد لنا الحالة العامة لدى عدد من المغتربين هناك، وقال: في أحد المقاهي المكتظة بروّادها من السوريين، كان الخبر يتنقّل من هاتف إلى آخر: “الرئيس أحمد الشرع وصل نيويورك”، فجأة، غصّ المكان بأحاديث متقاطعة، بعضها محمّل بالفخر والحنين، وبعضها الآخر بالأسئلة والاستفسارات، لافتاً إلى أنه تجمّع العشرات من أبناء الجالية السورية ليستمعوا إلى خطاب رئيسهم الذي قال من خلاله الكثير، وجمله تردّدت بين الحاضرين كأنها وعدٌ بمدّ جسر بين من بقي في الوطن ومن اضطر للهجرة.

وتطرق إلى أنه يتضح أن هذه الزيارة أعطت موجة من الآمال الكبيرة، فالبعض ينظر إليها كبداية لإعادة سوريا إلى الخريطة الدولية، والبعض الآخر يتعامل معها بواقعية، منتظراً نتائج ملموسة على الأرض.

المغتربون السوريون، يجدون أنفسهم اليوم جزءاً من المشهد الوطني مجدداً، بعدما دعاهم رئيس الجمهورية بشكل مباشر إلى أن يكونوا “حماة لتاريخ سوريا”، غير أن التحدي سيبقى في قدرة الدولة على ترجمة هذه الرمزية إلى إصلاحات وتغييرات حقيقية تلبي طموحات السوريين داخل الوطن وخارجه.

محطة فارقة

من كل المحافظات، تتلاقى الآراء حول زيارة الرئيس الشرع إلى نيويورك عند نقطة أساسية، إنها محطة فارقة تعيد سوريا إلى واجهة المشهد الدولي، لكن تبقى التطلعات معلّقة على ما سيلي هذه الزيارة من خطوات عملية تفتح آفاق التنمية.

أما المغتربون، فينظر إليهم من الداخل كسفراء له في العالم، وأحد أهم الموارد التي يمكن أن تسهم في صناعة مستقبل جديد لسوريا، إذا ما وضعت سياسات واضحة لدمج طاقاتهم في مشروع وطني جامع.

ومع ذلك، لم يُنكر أحد أن هذه اللحظة- حضور الرئيس السوري في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أكثر من نصف قرن- تحمل معنى خاصاً، هي تذكير للسوريين أينما كانوا أن وطنهم ما زال قائماً، وأن الأمل ما زال يطرق الأبواب.

آخر الأخبار
61 مستشفى صغيراً تنتظر "الوفاء" لإنقاذها في إدلب دور فاعل لجاليتنا في أميركا في بناء سوريا الجديدة من نيويورك إلى دمشق.. أصوات السوريين تتردّد في كل الأرجاء  بمشاركة سوريا.. الأمم المتحدة تفتح ملفات العالم الساخنة   فنانو المستقبل يختتمون رحلتهم الأكاديمية كيم جونغ أون يكشف عن "أسلحة سرية" متقدمة  بعد 14عاماً.. "ماستركارد" تعود إلى سوريا حلب تبحث آفاقاً جديدة للتعاون الصناعي والاستثماري مع النمسا محطة بارزة في أمريكا الجالية السورية_الأمريكية شريك مهم اجتماع الأمم المتحدة يسلِّط الضوء على معاناة المرأة الفلسطينية مخزون الغاز قياسي وفي حالة تخمة قرار يُغيّر قواعد اللعبة في "الإسكان التعاوني" وسط لقاءات الشرع مع مسؤولين أميركيين.. دعوات لرفع العقوبات عن سوريا  الوطن والمهجر معاً.. استثمارات استراتيجية لضمان النمو والاستقرار  فلاحو القنيطرة يهجرون الرمان ويتجهون للزيتون المشروع الوطني لإنتاج بذار البطاطا.. ركيزةٌ للأمن الغذائي الخطة الإنتاجية الزراعية تستهدف الاستفادة القصوى من جميع الموارد  سوريا وسلطنة عمان توقعان اتفاقية في مجال النقل الجوي مركز الملك سلمان والصحة العالمية: دعم خدمات الطوارئ الصّحيّة في سوريا