الثورة أون لاين – عائدة عم علي:
تصادف اليوم الذكرى التاسعة والثلاثون للإضراب الشامل ضد قرار الضم المشؤوم الذي أصدرته حكومة الاحتلال الصهيوني، ليجسد هذا القرار النزعة الاحتلالية والتوسعية للكيان الغاصب، الذي عمد منذ اللحظة الأولى لاحتلال الجولان عام 1967 إلى انتهاج سياسة التهجير القسري، بعد أن دمر هذا الاحتلال ما يقارب مئتي قرية ومدينة ومزرعة، إلا أنه ورغم كل الممارسات القمعية لسلطات الاحتلال ما زال أهالي الجولان متمسكين بأرضهم وهويتهم الوطنية، وكل يوم يسطرون أروع الملاحم البطولية في مواجهة المحتل الغاصب، رافضين كل إجراءاته وقوانينه الباطلة.
وبدعم أميركي وغربي، تجاهلت سلطات الاحتلال المنظمات الأممية وقراراتها فيما يخص بطلان قرارها المشؤوم بضم الجولان السوري المحتل، ولا سيما قرار مجلس الأمن رقم 497 الصادر في الـ 17 من كانون الأول عام 1981 الذي يعتبر أن قرارها “بفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها على الجولان السوري المحتل لاغ وباطل وليس له أثر قانوني دولي”.
وشكل الإضراب العام الشامل الذي نفذه أهلنا الصامدون رداً على قرار الضم الجائر ملحمة بطولية تضاف إلى مسيرة نضالهم وصمودهم، فهبوا في الرابع عشر من شباط عام 1982 للتصدي للقرار المشؤوم القاضي بضم الجولان المحتل وفرض القوانين الإسرائيلية على سكانه والذي صدر في الـ14 من كانون الأول 1981 بعد أن خططت له سلطات الاحتلال منذ بدء احتلالها للجولان ضاربة عرض الحائط بكل المواثيق الدولية.
وجاء هذا الإضراب التاريخي بعد اجتماع شعبي تنادى إليه أهالي الجولان بمشاركة الآلاف منهم في الثالث عشر من شباط عام 1982 وقرروا فيه إعلان الإضراب العام المفتوح تحت “شعار المنية ولا الهوية” للتأكيد على رفضهم القاطع لقرار الضم ومقاومة كل إجراءات الاحتلال والتمسك الثابت بهويتهم الوطنية السورية، لتأخذ بعد ذلك مقاومة أهالي الجولان منحى تصاعدياً، حيث أعلنوا في أكثر من مناسبة ووثيقة وطنية موقفهم الثابت بأن الجولان المحتل هو جزء لا يتجزأ من أرض سورية وبأن الهوية السورية صفة ملازمة لهم لا تزول وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء وأن أرضهم هي ملكية مقدسة لا يجوز التنازل أو التخلي عن شبر منها للمحتلين الإسرائيليين، مؤكدين عدم اعترافهم بأي قرار تصدره سلطات الاحتلال بخصوص ضم الجولان ورفضهم القاطع لقرارات حكومة الاحتلال الهادفة إلى سلبهم شخصيتهم العربية السورية.
وفور إعلان الإضراب قامت قوات الاحتلال الصهيوني بفرض حصار عسكري شامل على القرى والبلدات في الجولان ومنعت وصول المواد الغذائية وقطعت الكهرباء عن الأهالي في محاولة للتعتيم على ما يجري وعزلهم عن العالم الخارجي في محاولة منها للضغط عليهم وإجبارهم على إنهاء الإضراب والقبول بقوانينها كما عمدت إلى الاعتقال التعسفي لعشرات الشبان من أبناء الجولان بعد حملات مداهمة للبيوت وفرضت منع التجول في مختلف القرى.
ومنذ ذلك الوقت استولت سلطات الاحتلال على المزيد من الأراضي الزراعية التي قدرت بآلاف الدونمات، واستولت أيضاً على مصادر المياه بما فيها بحيرة مسعدة التي يقدر مخزونها بنحو 2ر3 ملايين متر مكعب من المياه فحرم أهلنا في الجولان من استثمارها تحت الضغط لتضخ مياهها إلى المستوطنات، ولا تزال سلطات الاحتلال حتى اليوم تمارس سياسة الإرهاب المنظم بحق أهلنا الصامدين، وتحاول عبثاً فرض إجراءاتها وقوانينها العنصرية.
واليوم ورغم كل الممارسات التعسفية، وسياسة الاعتقالات التي تنتهجها سلطات الاحتلال، لم تزل عاجزة عن فرض قوانينها وإجراءاتها الباطلة بفضل صمود ومقاومة أهلنا في الجولان، حيث يثبتون كل يوم تمسكهم بهويتهم الوطنية السورية وافتخارهم بها، وبالمقاومة وتشبثهم بأرضهم ومواقفهم الوطنية التي حطمت جبروت الاحتلال وأسست قاعدة صلبة لحركة المقاومة وانتصاراتها على العدو الصهيوني، وكلهم على يقين بأن عودتهم إلى حضن الوطن الأم سورية باتت قريبة، مستمدين إيمانهم بذلك من الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري على الإرهاب وداعميه، وهو كما حرر معظم المناطق التي دنسها الإرهاب الوهابي التكفيري، فإنه لن يتوقف عن مسيرة محاربة هذا الإرهاب حتى تحرير كل شبر أرض، بما في الجولان السوري المحتل.