الملحق الثقافي:ألوان ابراهيم عبد الهادي:
في ثقافي «أبو رمانة» يطالعك معرض الفنانة ريم قبطان حيث العشق الروحي، ملفت ومميز.. يجذبك بأفكاره العميقة المتنوعة والمنسابة من العشق الصوفي، متمثلة في رقصات السماح والعشق الإلهي لمحي الدين بن عربي، في لوحة تتراقص فيها الروح مع الخط العربي، ليشكل طيات الثوب المتطاير ليصبح قلب العاشق مخبوء بالكلمات التي تدل على الاتحاد بالجمال، وهو العشق الإلهي والحلول به بصوفية تبحث عن هذا الكمال، وتحلق به كما الحروف العربية تحلق في اللوحات بألوان وهاجة ومتناغمة تتناول بانحناءاتها نشوة الروح السامية، وكأنها تطوي معها الكون في ارتعاش العاشق لهذا الوجود، كما يعبر اللون الأحمر في الرقصة مع الحروف الضاجة على الانبعاث الروحي المتأجج والصارخ لهذا الطقس الزماني، في مراحل طويت وظل صداها يتردد في العمق كما اللون الازرق للحروف المرفرفة كسراب حمام ينشد الفضاء.
وفي لوحة عتّقها الزمن على كافة الوجوه، تبدو النقوش الدمشقية في عراقة البناء يظهرها اللون الذهبي المندلق في زاويتها، مؤكداً هذا الوجود ومعبراً عنه بكلمات الخط الازرق:
«نحن محكومون بالأمل المقلوب»، وما تحمله من فكر يحوم حول واقع ضبابي، أبرزه اللون الاسود والشاحب برمادية الواقع، وفي لوحات أخرى تبهرك المرأة الدمشقية في زيها الفولكلوري بوضعيات مختلفة.
تدهشك بطربوشها ووشاحها الأحمر المنمنم بطيات تتسلل للقلب وتطوف بالعشق، من خلال الخط الذي ظهر يعبر عنها بعبارة « هي امرأة من نور»، وهي كذلك لوحة قابضة وجاذبة للقلب.
وضعيات أخرى للمراة مقترنة بمواضيع البيت الدمشقي، كنافورة الماء تدل على الحب العميق للمكان والأرض والوطن والأم، وهي ماتدل عليه لوحات أخرى، مثل لوحة «عازفة البزق» التي تناغمت مع اللوحات لتشكل أجمل حياة.
اما لوحة المرأة المندمجة مع الطاووس الذكر تعبر عن حالة العشق مع النصف الآخر في وحدة مدهشة للانثى التي اكتست ثوب الطاووس بشعرها واتحدت عينها بعينه في ذاتها المتماهية فيه، فانبجست فيها ماء الروح. الطاووس في لوحة اخرى يرمز للانعكاس الحياتي للبيئة الدمشقية في استعمالاتها المنزلية كالأغطية والاواني والتحف بألوانها الزاهية.
أكثر ما يلفت في المعرض الخط العربي الموسيقي الذي تماهى مع حالات الشخصيات في اللوحة وكأنه يحاكيها ويحدثها لزمن حلت به.
منمنمات وكلمات وألوان متدرجة وزاهية آخاذة تنسجم مع الوضعيات التي ترمز لها اللوحة فتعمل حالة موسيقية متناغمة لجوقة من الحروف المتماوجة مع الضوء واللون فترتقي بالروح إلى أوج العشق المتفاني في الاندماج والحب للحياة والمكان والإنسان المغموس بضجيجها ومآسيها.
التاريخ: الثلاثاء16-2-2021
رقم العدد :1033