الملحق الثقافي:رضوان قاسم :
منذ آلاف السنين، شهد العالم صراعات دولية، وحروباً عسكرية، واقتصادية بفعل الرغبة التي تكمن داخل كل نظام سياسي، واقتصادي في الهيمنة، والسيطرة على الآخر، والتحكم في العالم وفرض أجندته على باقي الامتدادات الدولية، وهذا ما يشكِّل تحدِّياً كبيراً يهدد جميع البلدان والثقافات والشعوب، وعمدت نخبة من المثقفين من شعوب مختلفة، إلى إيجاد حلٍّ مناسبٍ يخفِّف من حدَّة النزاعات، ويزيد من أواصر التفاعل والترابط بين الشعوب، فقاموا بطرحٍ حلٍّ لهذه المعضلة وهو الحوار الثقافي، الذي يعتبر لبنة أساسية تُبنى عليها المثاقفة التي تعطي حيوية للتلاقح الثقافي، وتعمل على إحياء الروابط الثقافية، وتسمو بالإنسانية جمعاء، كما أنه ركيزة ضرورية تعزِّز التنوع الثقافي الذي هو إرث وتاريخ تتشاركه الشعوب والأمم، والذي يجب توظيفه واستغلاله بشكل إيجابي يخدم مصلحة الشعوب ويزيد من تطوير العلم، وأساليب العيش وحياة الأفراد.
لا شك بأن الحوار الثقافي، يلعب دوراً مهماً في التواصل التربوي والأخلاقي الهادف إلى بناء الإنسان، ونبذ الكراهية والعنصرية وتقبل الغير، كما أنه يعمل على التعريف بثقافة الغير ورموزه الدينية وفنونه، وأساليب عيشه ونظمه الدينية وتقاليده ومعتقداته ..الخ، فالحوار الثقافيّ هو: تبادل الرأي والمعلومات في شتّى جوانب الحياة ومجالاتها، بغضِّ النظر عن الدين أو العرق، فالثقافة ومظاهرها المتعدّدة هي من أهمّ مجالات الحوار بين النَّاس، وللحوار الثقافيّ آداب وتترتّب عليه نتائج أيضاً، ولا يمكننا أن ننكر أنه يتم عن طريق الحوار الإعلامي الذي يملك القدرة على تيسير وتنظيم التواصل بين الثقافات ويعتبر مغيِّراً حضارياً، ووسيلة راقية خلَّاقة لامتلاكه وسائل وتقنيات منهجية وفنية هادفة، وذلك من خلال البرامج الثقافية والاجتماعية، ومن ثم يعزز روح التسامح والقبول بالاختلاف، كما يقدم من الخدمات والأجهزة الخاصة بالتدريب على اللغة عبر الإنترنت.
ففي ظل المرحلة الأخيرة، التي زادت فيها الحروب الأهلية، والانتهاكات ضد الغير، يجب على الجهات المسؤولة التشديد على ضرورة التواصل، والحوار الثقافي البناء، وتنظيم ورشات ولقاءات دولية ومؤتمرات، لما لهذه الأساليب من قوّة مهمة للتخفيف من أسباب النزاع وتشابك الثقافات بعضها مع بعض، وجعل تنوعها سلاحاً إيجابياً يخدم الإنسانية جمعاء، من أجل الحفاظ على حقوق الأفراد وصيانة كرامتهم، والتخفيف من حدَّة النزاعات بين الشعوب، وهو ما يزيد من فرص إحلال السلام في العالم، فالثقافة هي عماد الحضارة، فما المانع أن نتخذها مسلكاً يومياً؟.
إنّ دعائم الأمم القوية تقوم على الحوار وحريّة الرأي، فهي بذلك تسعى إلى التنمية والريادة في شتَّى مجالات الحياة، ولا سيَّما أن جعلت الحوار نهجاً ثابتاً لها في مختلف جوانب الحياة، وفي المقابل فإنَّ إهمال الحوار كأداة للتواصل داخلياً وخارجيًّا، يترتب عليه قتل روح الإبداع لدى الفرد، وتشجيع الاتكاليَّة، وتأخر الأمم وتقهقرها في شتّى جوانب الحياة.
شاعر فلسطيني
التاريخ: الثلاثاء16-2-2021
رقم العدد :1033