الثورة أون لان – عبد الحميد غانم:
الوقاحة التي يمارسها حكام الكيان الصهيوني حالياً ليست بالأمر الجديد عليهم، بل هي متأصلة في نفوس الصهاينة منذ بداية مشروعهم الاحتلالي لفلسطين من أجل إقامة كيانهم الغاصب بحجج دينية وتاريخية وسياسية واهية، وهم مستمرون بتبرير ممارساتهم العنصرية واعتداءاتهم بأكاذيب وأضاليل غريبة وعجيبة لا تقنع أحداً.
لذلك لم نستغرب ادعاءات نتنياهو الوقحة التي ادعى فيها قبل أيام بأن الجولان السوري المحتل تابع لكيانه الغاصب، والتي رد بها على تصريح وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن بشأن الوضع الحالي في الجولان، ولا سيما أن الأخير أحجم عن تأييد اعتراف إدارة دونالد ترامب بما يسمى “السيادة” الإسرائيلية المزعومة على الجولان السوري المحتل.
فرغم أن تصريح بلينكن لم يخلُ من التحيز لصالح الكيان الصهيوني حينما أبدى تفهمه لما سماه الهاجس الأمني الإسرائيلي، إلا أن كلامه لم يعجب نتنياهو الذي لا يقبل بأقل مما قدمه ترامب له، حيث خالف الأخير جميع القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة واعترف بسيادة الكيان الإسرائيلي المزعومة على الجولان المحتل، في أجواء استعراضية كشف خلالها عن صهيونيته المتأصلة ودعمه غير المحدود للكيان المحتل.
تصريح بلينكن من حيث الشكل يشي بأن الإدارة الأميركية الجديدة تريد مخالفة ما أقره ترامب، بل وإيهام الآخرين بأنها تحترم القانون الدولي، وهي مسرحية جديدة اعتدنا عليها، ولا يجب التعويل على مثل هكذا تصريحات إن لم تقترن بالأفعال، لأن مثل هذه التصريحات أقرب إلى مراوغة مدروسة، ولا سيما أن ما جاء في حديث بلينكن حمّال أوجه لأنه ربط رؤية إدارته لقضية الجولان بما أسماه تغير الوضع في سورية، وبالتأكيد التغير الذي يقصده هو تنفيذ أجندات بلاده الاستعمارية.
أما وقاحة نتنياهو فبلغت حد القول إن الجولان السوري المحتل سيبقى جزءاً من كيانه العنصري و”إلى الأبد”، على حد زعمه. مضيفاً بأنه لن ينسحب من الجولان، وقد ترجم نتنياهو وقاحته المعتادة بشن عدوان غادر جديد ضد السيادة السورية قبل يومين مستغلاً ظروف انشغال الدولة السورية بمحاربة الإرهاب على أراضيها ومواجهة أطماع نظام أردوغان ومرتزقته في الشمال وانتهاكات الاحتلال الأميركي ومليشيا “قسد”، وفي كل الأحوال لا يمكن فصل هذا العدوان الغادر عن الاعتداءات السابقة من حيث الأهداف الكامنة خلفها والتي فشل كيان الاحتلال حتى الآن بتحقيقها سواء أكانت مكاسب سياسية على صعيد الداخل حيث يريد نتنياهو رفع شعبيته المنهارة قبل الانتخابات المزمعة من أجل الفوز والانفراد بالحكم وتجنيب نفسه المحاكمة بتهم الفساد وخيانة الأمانة، أم تحقيق مكاسب أخرى تتعلق بتقديم الدعم المعنوي للجماعات الإرهابية التي تخدم المشروع الصهيوني في سورية.
وهناك رسالة أخرى أراد نتنياهو توجيهها إلى الإدارة الأميركية الجديدة بضرورة الإبقاء على وعود ترامب المنتهية ولايته، إلا أن العدوان الصهيوني الجديد قد فشل في تحقيق أهدافه العسكرية، حيث تصدت الدفاعات الجوية السورية لصواريخ العدو ومنعتها من تحقيق أهدافها، ولم تؤثر على إرادة السوريين وعلى إنجازات الجيش العربي السوري الذي يتابع مسيرته لتحرير ما تبقى من أراضي الوطن من رجس الإرهاب والإرهابيين عملاء المشروع الصهيو أميركي في المنطقة.
كما جاء الرد على سياسات الغطرسة الإرهابية هذه من أهلنا الجولانيين الذين أحيوا بالأمس يوم الرابع عشر من شباط ذكرى انتفاضة أهلنا في الجولان السوري المحتل عام 1982 رداً على القرار الصهيوني بضمه لكيان العدو وفرض الهوية الإسرائيلية على مواطني الجولان ومحاولة تجنيدهم بجيش الاحتلال الصهيوني، ليؤكدوا لنتنياهو وداعميه بأن الجولان المحتل سيبقى سورياً، وهم مصممون على تحرير كل ذرة من ترابه، ولن ترهبهم اعتداءات الكيان الصهيوني ولا تهديدات حكامه الإرهابيين، وأن مصير الاحتلال هو الهزيمة والفشل والانكسار مهما طال الزمن.