لا أحد يعرف على وجه اليقين ماهية ومضمون الدور الذي تلعبه المؤسسات المعنية بالتدخل الإيجابي في الأسواق، طبعاً باعتبارنا نسلّم جدلاً أنها تلعب دوراً ما!!
ولا أحد يعرف على وجه اليقين غيابها وبالأخص خلال السنتين الأخيرتين، على اعتبارهما الأسوأ في تاريخ أسواق البلاد لجهة تغوّل التجار والباعة على المواطن، وعدم إلقاء البال للمؤسسات المعنية بالرقابة بعد ما شاهدناه من فيديوهات عن مراقبي التموين الذين يمشطون السوق مادّين أيديهم للباعة حتى يجود هؤلاء بما “يتيسّر من خاطرهم”..
تحفل التعاملات التجارية اليومية باتفاقات إذعان بين المنتج والمستجرّ ليربح الأخير ويُخرب بيت الأول بالتكافل والتضامن مع المستهلك.. ولا حماية للمستهلك، بل إن هذه العبارة باتت مثار تندّر بين المواطنين من دون أن تحرك الوزارة المعنية ساكناً ولو بتصريح.
لا يقبل عقل أن مراقباً تموينياً يفترض به حماية المواطن وحمل حقه كالأمانة، وضُبط بالتصوير الحي يرتشي متسولاً من باعة السوق تقتصر عقوبته على النقل.. النقل فقط… لو أُحيل وشركاه إلى القضاء لهان الأمر.. ولو صودرت أملاكه من يوم دخوله الوزارة لصفق الجميع.. أما النقل فلربما هي عقوبة قاسية للغاية لجهة كسر خاطر المراقب التمويني من جهة وقطع باب الرزق له وتحويله لغيره من جهة أخرى..
إن كانت مؤسسات التدخل الإيجابي بالسوق وتلك المعنية بالرقابة عليه عاجزةً عن التدخل بين الحلقات التجارية (وفي ذلك بحد ذاته نفي لمهمتها الأساسية) فيمكن لها على الأقل أن تشحذ همم مراقبيها بالعقوبات قبل المثوبات وتضبط الأسواق وهي حالة نجحت قبل الآن في فرض ما تريده الجهة العامة وجعل التاجر يلهث خلفها للتفاهم معها على ما تريده ولاسيما تجربة الجمارك.
بالمطلق لا يمكن للغة أن تصف تراخي هذه المؤسسات التي تجاوزت مرحلة الفشل منتقلة نحو مرحلة أخرى لا نحيط بوصفها لغة ولا تفسيراً، وما زالت إلى اليوم تحضرنا صورة ذلك الموظف الكبير في وزارة التموين الذي يتشمم “حلّة مسبحة” بشك وريبة وعمق ووعي بحثاً عن رائحة غريبة ليضبط البائع “ناهب قوت المواطنين” متلبساً.
وفي ذلك اختصار لحالها..
الكنز- مازن جلال خيربك