الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
العدوان الأمريكي السافر الجديد ضد سورية، والذي استهدف هذه المرة مناطق في محافظة دير الزور بالقرب من الحدود السورية العراقية، حمل في توقيته وأبعاده الأمنية، الكثير من الرسائل الخطيرة التي أرادت الإدارة الأمريكية الجديدة إرسالها.
أولى هذه الرسائل هي التزام إدارة بايدن بسياسات وأجندات ترامب، من حيث العمل على إطالة أمد الحرب العدوانية على سورية لأطول فترة ممكنة وعرقلة الوصول إلى أي حل سياسي.
وقد ظهر مدى استهتار الولايات المتحدة بمبادئ القانون الدولي وميثاق الشرعية الدولية، وعدم احترامها لكل الجهود المبذولة أممياً، إذ تزامن العدوان مع وجود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون بدمشق.
من بين الرسائل أيضاً الإبقاء على حالة الفوضى والتوتر في هذه المنطقة، كي تبرر وجود قواتها المحتلة وتبعد الأنظار عن ممارساتها بخصوص نهب النفط السوري وحرق المحاصيل الزراعية وتدمير البنية التحتية السورية، ودعم ميليشيا “قسد” الانفصالية وتبرير الوجود التركي غير الشرعي في الشمال السوري.
لقد أعطى العدوان الأمريكي الجديد هدية للإرهابيين وكان له طعم المكافأة، حيث شكل خدمة للتنظيمات الإرهابية ولاسيما تنظيما” داعش” و”جبهة النصرة” اللذين تستثمر فيهما واشنطن وتستخدمهما في إطار الدور التخريبي والإرهابي المناط بهما، بهدف تعطيل إنجازات الجيش العربي السوري الباسل على طريق مكافحة الإرهاب وتطهير الأرض السورية من رجس الإرهابيين الذين ترعاهم أمريكا والغرب ونظام اردوغان والاحتلال الصهيوني.
لقد أعاد العدوان الأمريكي تسليط الضوء على النوايا الأميركية الخبيثة تجاه سورية، حيث شكل هذا العدوان دعماً إضافياً لأجندة نتنياهو العدوانية وتشجيعاً له على ارتكاب المزيد من حماقات العدوان، ولاسيما أن الأميركيين تذرعوا بالوجود الإيراني الشرعي في سورية لشن العدوان عليها، وهي نفس الذريعة التي يستخدمها الكيان الصهيوني من وقت لآخر لتبرير اعتداءاته الحاقدة على المدنيين.
ولكن على الرغم مما يشكله العدوان الأمريكي الجديد من انتهاك فاضح لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، إلا أنه يعطي مؤشرا سلبيا عن الإدارة الأمريكية الجديدة، ويظهرها كساع لإشعال الحرائق والحروب، في الوقت الذي حاول بايدن تسويق خطاب مختلف عن عودة أميركا للالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية، وهذا يدحض كل الآراء التي تحدثت عن أداء أميركي مختلف.
إن الذرائع التي تحججت بها الإدارة الأمريكية لتبرير عدوانها ما هي إلا حجج وذرائع واهية يتبجح بها المسؤولون الأمريكيون للتغطية على أهداف العدوان الحقيقية، ومحاولة حرف الرأي العام الأمريكي والعالمي عن الأسباب الحقيقية الكامنة في استمرار الاحتلال الأمريكي لأجزاء من الأرض السورية، حيث تدعي واشنطن على الدوام أن وجودها مؤقت وغايته ملاحقة فلول تنظيم داعش الإرهابي، لكن في حقيقة الأمر هو للتغطية على الاحتلال الأمريكي وممارساته في نفس الوقت، حيث تستمر قوات الاحتلال الأميركية يوميا بسرقة النفط السوري وتدعم ميليشيا ” قسد” في نزعتها الانفصالية المرفوضة.
لا شك بأن هذا العدوان بأهدافه وغاياته ومراميه ورسائله هو عدوان خطير وجبان وهو جريمة موصوفة بكل المقاييس لأنه استهدف قوات شرعية تحارب الإرهاب المصنف أممياً، وهو في نفس الوقت انتهاك سافر لأحكام القانون الدولي واستهتار بالشرعية الدولية، ومساهمة بتعطيل حل الأزمة في سورية والمنطقة عموما، ويدخل في سلسلة الاعتداءات المتكررة على السيادة السورية التي يمارسها ما يسمى ” التحالف الدولي” لمحاربة داعش وكذلك الكيان الصهيوني، وهي تتزامن مع جرائم التنظيمات الإرهابية ضد سورية، ولكن هذا العدوان لن يفلح في تحقيق أهدافه ومراميه لأنه سيصطدم حتما بصمود الشعب السوري وبسالة جيشه الوطني ودعم حلفائه الذين استنكروا العدوان وأكدوا رفضهم له، كما أكدوا تمسكهم بسيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها، ودعمهم للدولة السورية من أجل تحرير ما تبقى من أرض محتلة من رجس الإرهاب وداعميهم، وإعادة إعمار ما دمره الإرهابيون وشركاؤهم ورعاتهم في محور العدوان، ومهما حاول الأميركي وغيره من المحتلين تبرير وجوده وأفعاله الدنيئة فسيخرج مهزوما مدحورا في نهاية المطاف، إذ لا مستقبل له في أرضنا.