الثورة أون لاين – أحمد حمادة :
روّجت إدارة جو بايدن ، حتى قبل قدومها إلى البيت الأبيض ، أن لديها مقاربة جديدة لقضايا العالم ومنطقتنا ، تختلف جذرياً عن سياسات دونالد ترامب الهوجاء ، لكن منذ الأيام الأولى لتسلمها دفة القيادة في واشنطن ظهر أنها صورة طبق الأصل عن بقية الإدارات الأميركية ، التي تنتهج أسلوب البلطجة والعدوان وإرهاب الشعوب لتحقيق أجنداتها الاستعمارية ، ولا تختلف عنها إلا بطريقة تسويق إرهابها وغطرستها .
فقد كشف العدوان الأميركي على سورية يوم أمس عن هذه الحقيقة ، وعرَّى وجه بايدن القبيح ، الذي أراد فريقه إظهاره بمظهر المتزن الباحث عن حل لقضايا المنطقة والعالم ، والتعامل بعقلانية معها ، وإذ به الوجه الآخر للعملة الأميركية الذي يريد الاستمرار بنشر الفوضى الهدَّامة ، التي سمتها واشنطن يوماً “خلاقة ، محاولاً زيادة التوتر في المنطقة برمتها ، وبما يصب مباشرة في مصلحة التنظيمات الإرهابية المسلحة من جهة ، وعرقلة جهود الدولة السورية في محاربة الإرهاب وإعادة الإعمار من جهة ثانية .
وأظهر العدوان أن فريق بايدن يريد إرسال رسالة لكل العالم ، وخاصة لروسيا والصين ، أن الاستراتيجية الأميركية في منطقتنا لم تتبدل ولن تتبدل ، وأن أجنداتها ستظل كما هي ، ولا تستند إلا على إطالة أمد الحرب العدوانية على سورية لأطول فترة ممكنة ، وعرقلة الوصول إلى أي حل سياسي مهما كانت الظروف ، والدليل على ذلك أن العدوان وقع بُعيد زيارة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون إلى دمشق ، وبمعنى آخر هانحن في واشنطن نقرر الحلول العسكرية ولا تعنينا جهود الحل السياسي ولا نحترم ما يحمله المبعوث الأممي أو تبذله المنظمة الدولية .
وفي الضفة الأخرى إذا كان بايدن يريد دعم نتنياهو في الهروب من مآزقه ومؤازرته في اعتداءاته المتكررة على سورية ، فلأنهما يلتقيان عند الهدف الآخر المتمثل بمحاولة إنقاذهما للتنظيمات المتطرفة المتهاوية والمندحرة على يد الجيش العربي السوري ، ومحاولة عرقلة محور المقاومة في القضاء على الإرهاب ، وحرف الأنظار عن جرائم احتلال الأرض ونهب الثروات السورية ، وتقسيم المنطقة وإعادة رسم خرائطها على مقاسات المحتل الأميركي والكيان الإسرائيلي .
لكن المفارقة الصارخة أن مجلس الأمن الدولي لا يتحمل مسؤولياته في حفظ الأمن والسلم الدوليين ، وفي إدانة عدوان دولة على أخرى ، إلا حينما تطلب منه الولايات المتحدة ذلك ، لأنه والمؤسسات الأممية باتت أداة طيعة بيدها وتأتمر بأوامرها ، ومثل هذا الكلام ليس من بنات أفكارنا ولا هو تجن على المجلس وقراراته ، بل هو حقيقة تثبتها مئات الأدلة على أرض الواقع ، وما العدوان الأميركي على سورية يوم أمس إلا أحد أوجهها ، فلا يدري أحد بالعالم متى يتحرك هذا المجلس لوقف واشنطن عن الاستمرار في عدوانها وجرائمها ضد سورية ، ولا يدري أحد متى يطبق مبادئه على الغزاة والمعتدين ، ومتى يكف عن إدانة من تريد واشنطن إدانته ، أو شرعنة العدوان عليه عبر قرارات الفصل السابع وبيانات الغزو والحروب .
فها هي أميركا اليوم تنتهك أحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ، ويقوم طيرانها بعدوان سافر على سورية دون أن نسمع بياناً من المجلس يدين أو يستنكر أو يطالب واشنطن بعدم تكرار سياساتها البلطجية .
قصارى القول ، وبغض النظر عن موقف الأمم المتحدة الصامت ومجلس الأمن المتفرج ، فإن ما يريده جو بايدن بات واضحاً وهو تكريس سياسات الإرهاب واستراتيجيات الابتزاز وحصار الشعب السوري ومحاولة إخضاعه دون أن يدرك فريقه “الديمقراطي” أن سياسات الفشل التي لازمت أسلافه ستظل علامة فارقة في عهده لأن السوريين يعرفون جيداً كيف يقاومون أعداءهم ويرسمون مستقبلهم بأيديهم ، وكيف يدحرون الإرهاب ويرسمون علامات النصر المؤكدة