الثورة أون لاين – حسين صقر:
لمجرد ربط الليبراليين فكرهم بالحرية، فإنهم يفتحون الباب على مصراعيه للتجاذبات، ولا سيما أن الحرية كمصطلح مجرد بذاته يفتح الآفاق واسعة أمام الأشخاص لتفسيره على هواهم، دون أي ضوابط أخلاقية، كأن يخطئ الشخص بحق جاره أو زميله أو أي أحد عبر سلوك أو تصرف، وعندما يسأله من وقع عليه الخطأ، لماذا تصرفت هكذا؟ يرد عليه المخطئ: بأنني حرٌّ، أو أن تخرج فتاة أو شاب من منزل أهليهما، وعندما يسألهما أبويهما، لماذا تأخرتما؟ فتكون الإجابة: نحن أحرار، وهذا يندرج على لباسهما، وعلاقاتهما الاجتماعية، ومن يرافقان، وأين يذهبان، والأمثلة كثيرة.
من هذا المنطلق يتم التحذير من خطر الليبرالية الجديدة التي غزت المجتمعات، لأنها هدمت، وما زالت مطرقتها تضرب بقوة في بنيان الأسر، وفأسها تحفر في الجذور لاقتلاع القيم الصحيحة والمبادئ الراسخة والأخلاق النبيلة، وجعلها طي النسيان، أو مثاراً للسخرية عندما يتكلم بها أحد أو ينادي فيها.
“الثورة” استطلعت بعض الآراء من مختلف الشرائح حول مفهوم الليبرالية الجديدة وخطرها على الأسرة والمجتمع، وكانت وجهات النظر كالآتي..
فارس الزعبي مدرس ورب منزل يقول: في الواقع الذي لا هروب منه نرى أن غاية أصحاب الفكر الليبرالي، هو مسخ وطمس لهوية المجتمعات العربية والانقلاب عليها، والترويج للفكر الغربي, واستنساخه دون اي وعي أو انتباه لعواقبه الكارثية، مع أن الشخص المؤيد لمصطلح الليبرالية يعرف أنه يلبس عباءة فضفاضة عليه، ومع ذلك يصرُّ على ارتدائها، بعيداً عن أي صدق مع الذات أو مع المحيط.
وأضاف أعتبر أنا كمربٍ في المنزل والمدرسة، أن هذا التيار المنحرف ليس له جذور عميقة في المجتمع, وليس له امتداد أو قبول شعبي، لكن خطورته تكمن في أن بعض وسائل الإعلام و القنوات التجارية صدَّرت رموزه، وجعلت منهم مفكرين ومرشدين وخبراء، ودعمتهم بالمال والكلمة والنفوذ لنشره.
من ناحيتها أوضحت عبير شعيب مرشدة اجتماعية في إحدى المدارس وربة منزل بالقول: باعتقادي كان سبب تركيز الغرب على الليبرالية، وبذل كل ما بوسعه لنشر تعاليمها هو إخفاقه في كسر شوكة الحكومات، فقد لجأ لنخر بنية المجتمع لإرباكها، وهو ما يؤكد أن ذاك الغرب المعادي والمتصهين يريد غرس أفكار في أذهان أبناء الأمة لحرفهم عن مسارهم الأخلاقي، وذلك من خلال القيام بهدم جسور الاحترام المتبادل بين الآباء والأبناء وكسر حاجز الولاء، بالإضافة للترويج بأن العرب متخلفون, ولا يمكنهم التقدم، وهم منبهرون بالغرب.
وقال المحامي علي عكلة: يريد الغرب عبر ذلك التيار إفساح المجال أمام التيارات المنحرفة الزائفة، بحجة حرية الرأي والانفتاح على الآخر، والارتماء في أحضان الغرباء وتقليدهم بشكل أعمى، ونشر ثقافة تقبل الآخر، حتى لو كان يضرُّ بمصلحة المجتمع، أو يساهم بضياع ما هو أخلاقي وضروري لاستمرار هيبة الأسرة.
وقال الطالب شادي الأحمد سنة ثالثة صيدلة، تركت الليبرالية آثارها السيئة على التربية، وتسببت بإفساد جيل الشباب ذكوراً وإناثاً وجعلهم دمى كي يتلاعب بها المنحرفون سلوكياً وأخلاقياً، بهدف طمس مكارم الأخلاق التي تربينا عليها كشرقيين، وتسببت بالانحلال والتفسخ، وفتحت باب الفساد على مصراعيه لدعاة التغريب بحيث لو طبقت المجتمعات كل ما يرونه لأصبحت مجتمعات منحلة لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً.
فيما الطبيب عماد سليمان أكد:
أن ما يفعله الغرب مع كل أسف عبر ليبراليته هو وضع المواطن العربي في دائرة الهلوسة الجنسية، والبحث عن عالم المرأة، وإضعاف بل وقتل جانب محاسبة الذات، بالإضافة للتشكيك بالعقيدة الصحيحة وزعزعة الثقة بها، بمختلف الأسباب والطرق الملتوية الخبيثة، ما يؤدي لانصراف الناس وعزوفهم عن كل ما هو أصيل، واتباع التقليدي.
إذاً فدعوة الغرب لليبرالية من منفذ العلمانية، يجعل البعض غير المدرك للأخطار المحدقة مدافعين لهذا الفكر لا محاربين له، متناسين أن حاجة كثير من البشر للإيمان بالحرية هي في إعطائهم معنى أخلاقياً لحياتهم، ولكن دون ذلك تصبح وبالاً عليهم، وغير قادرة على التدخل في تحديد سلوكهم.