الثورة أون لاين – خلود حكمت شحادة :
ثمانية وخمسون عاماً مرت على انطلاق أهم منعطف في تاريخ سورية وكانت الخطوة الأولى والمهمة لبناء الإنسان وإيصال الحقوق ، فتح آفاق المستقبل للسوريين جميعاً وزاد اندماجهم بقضايا الوطن والأمة .
فكر منفتح وبصيرة نافذة هي مرتكزات قامت عليها ثورة الثامن من آذار هدفها تحرير الإنسان من الإقطاع حينها وإطلاق طاقاته بما يخدم الوطن ويساهم في تنميته وازدهاره .
بداية أبصر قانون الإصلاح الزراعي النور وتم رفع شعار (الأرض لمن يعمل) بها عنواناً للتنمية الشاملة ، تلاه تأميم المصانع وتسليمها للعمال آنذاك .
ولم تتوقف عطاءات الثورة وعبير ربيعها بل استمر وتابع مسيرته في التعليم والأسرة وحقوق المرأة وتطبيق العدالة الاجتماعية وتحقيق تكافؤ الفرص ، وكان المرتكز الأساسي هو الإنسان الذي من حقه الاستفادة من الثورة لمواصلة العمل على تمكين سورية والنهوض بها .
وبالعودة إلى خطوط الزمن وذاكرته نجد أن وطننا اليوم أحوج لتطبيق تلك المبادىء وضخ الدماء الجديدة فيها وإعادة إحياء ماعمل عليه من سبقنا للمساهمة في إعادة الإعمار والبناء .
لم يتخل السوري الأصيل يوماً عن دوره في بناء وطنه ، وكذلك الوطن لم يبخل على أبنائه ، ولكن شوائب كثيرة وغبار البلدان المعادية التي فرضت حصارها على المواطن قبل الوطن تتطلب اليوم الوقوف على مفردات تلك الثورة التي هي ذاكرة وطن . ولعل بلدنا اليوم أحوج مايكون لكل شبر أرض يزرع بالمواسم ، ولكل آلة تدور وتخلق حياة جديدة ، مايتوجب علينا عدم الاكتفاء بالاحتفالات والمهرجانات الخطابية والمعارض احتفالاً بميلاد ثورة آذار .
وإنما التوجه للعمل والتطبيق وإحياء أهدافها لتعود إلى حيز الفعل على أرض الواقع وهو الأهم في هذا الجانب .
فإحياء الذاكرة يعني الحياة ، والوقوف على الأطلال يعني الاستسلام والشوق لما هو بعيد المنال .
قوتنا وإرادتنا وثورة آذار مهما مرت عليها السنون تبقى ملاذنا وطريقنا لتحقيق بناء الإنسان والوطن .
إن التركيز في هذه الظروف على حاجة المواطن وقضاياه ورفع مستوى معيشته في ظل حصار اقتصادي جائر هي عامل الاستقرار الذي لايمكن تجاوزه في عملية التنمية . وقد كان هذا البند من أهم مادعت إليه ثورة آذار ، ولازال مطلب بناء الإنسان وتأمين أبسط حقوقه من الأولويات لنصل إلى بناء وطن ، ولتكن ذاكرة الوطن حاضرة في كل ساحة ومكان