الثورة أون لاين – ريم صالح:
بعد عشر سنوات من عمر الحرب الإرهابية على سورية، لاتزال جرائم الإرهابيين ومجازرهم الوحشية ماثلة في الذاكرة، ولا يمكن أن تمحى أبدا، فمشاهد الإرهابيين القتلة واعترافاتهم، والمفخخات، وصور أشلاء الشهداء، والرؤوس المقطوعة، لاتزال تهز الوجدان الإنساني، وكذلك روايات وفبركات الفضائيات المأجورة “الرأي ونسف الرأي الآخر”، و”أن تكذب أكثر”، وتلفيقاتهم الهوليودية بكل ما فيها من كذب وتضليل، لاتزال شواهد حية تؤكد حجم المؤامرة على سورية، ومدى الانخراط الكبير للكثير من الدول الغربية والإقليمية والمستعربة في الحرب الإرهابية تحت القيادة الأميركية والصهيونية.
منذ بداية الحرب الإرهابية على سورية أوكلت الدول المعادية لسورية لإمبراطورياتها الإعلامية، وماكيناتها الإخبارية المضللة مسؤولية تضليل الرأي العام السوري، والعربي، والعالمي، وتشويه الحقائق على الأرض، وقلبها رأساً على عقب، والعمل على تقديم الإرهابيين المسلحين، والقتلة المأجورين، على أنهم “ثوار” أصحاب قضية، وفيما بعد على أنهم “معارضة معتدلة” فيما هم ثلة من الخونة والمرتزقة التكفيريين، وقاطعي رؤوس، وآكلي الأكباد، يأتمرون بأوامر بنتاغونية، وينفذون سيناريوهات عثمانية، وخليجية، وصهيونية بحتة، سيناريوهات معدة ومرسومة سلفاً في غرف استخباراتية ظلامية.
صمود سورية، واحتضانها لقوى المقاومة، ودورها المركزي، والمحوري في المنطقة والعالم، ووقوفها حجر عثرة في وجه كل مشاريع الهيمنة والاستكبار العالمي، دفع الأمريكي، ومن معه من مشيخات خليجية مرتهنة إلى البحث طويلاً في آليات، أو سبل من شأنها استهداف الدولة السورية في الصميم، ومحاولة تحويلها من دولة سيادية مستقلة، إلى دولة منصاعة لا تختلف عن مشيخات التطبيع في شيء لجهة الارتهان للأمريكي والإسرائيلي، فتوهموا أنه بإمبراطورياتهم الإعلامية المضللة، قد يبلغون غاياتهم الدنيئة، وإن كان ذلك بمحاولة العزف على أوتار الروايات الكاذبة حيناً، وعلى أوتار الفتنة والطائفية أحيان أخرى للمساس بوحدة النسيج الوطني السوري.
ولكن رياح الصمود السوري جاءت بما لا تشتهي سفن التآمر الغربي والخليجي، وبما لا يحقق أجنداتهم الاستعمارية، ومخططاتهم الإقصائية، فأكاذيب إعلامهم المضلل سرعان ما اتضحت على الملأ، الأمر الذي زاد السوريين تمسكاً بوحدتهم، وبقيادتهم الحكيمة، كما زادهم التحاماً بجيشهم الباسل الذي ما هو أولاً وأخيراً إلا جيش الوطن، وحامي الحمى، وجيش السوريين جميعاً على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم.
كثيراً ما كنا نسمع على الفضائيات الشريكة بسفك الدم السوري، الكثير من الروايات الملفقة ممن سبق وسموهم شهود عيان، فكانوا دوما شهود زور على أحداث ملفقة، والصور التي كانوا يقدمونها كثيراً ما كان منها لغزو أمريكا للعراق ولا علاقة لها بسورية أو بالسوريين لا من قريب ولا من بعيد، وبهذا فضح شهود العيان أولئك أنفسهم بنفسهم، وبأن كل ما كانوا يروجون له ما هو إلا ترجمة لإيعاز من يشغلهم، ويدفع لهم الرواتب، والمنح اليومية والشهرية.
كذلك لا يمكننا في سياق هذا السرد أن نغفل عن الدور الذي لعبه فيما سبق شيوخ الدم والنار، شيوخ الفتنة، من أمثال يوسف القرضاوي الذي دعا إلى ما سماه ” الجهاد” ضد الدولة السورية، مع أن الأجدر به هو أن يدعو إلى الجهاد لتحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمقدسات من براثن المحتل الإسرائيلي الغاشم، ولكن القرضاوي هنا لم يكن سوى مجرد دمية يتم تحركها بحسب أهواء مشغلها لا أكثر ولا أقل.
المدعو عدنان العرعور لا يقل في دناءة توجهاته، وطروحاته، وخطبه التحريضية، وشحنه الطائفي عن نظيره القرضاوي، فكلاهما وجهان لعملة إرهابية، تآمرية، استعمارية واحدة، ولكن سرعان ما كشف العرعور عن حقيقته، وبأنه عبد يباع ويشترى في مزاد وأسواق النخاسة الغربية والخليجية.
وليس القرضاوي والعرعور من كانا يحرضان فقط على سفك الدم السوري من شيوخ الدم والنار، وإنما كان هناك الكثير من دعاة الفتنة الذين كانوا يعملون وفق ذات السياق ومن أولئك الدعاة التكفيريين نذكر السعوديين محمد العريفي، وعادل الكلباني، ومحسن العواجي، وشيخ الفتنة المصري محمد حسان الذي امتلك بسبب استثماره للدين، ونفاقه، وتزييفه للحقائق، ودعواته لقتل السوريين، وتدمير الدولة السورية، امتلك بحسب بعض المصادر حسابات بملياري دولار ببنوك سويسرية كما أن لديه العديد من القصور في أوروبا.
المؤكد لنا جميعاً أن الإعلام الوطني السوري كان بالمرصاد لكل محاولات الدول المعادية استخدام واستثمار ماكيناتها الإعلامية المضللة، فوضع النقاط على الحروف، وكشف زيف ادعاءات الغرب، والخليج المتصهين، والانتهازي التركي، وفضح فبركاتهم، وكان العين الساهرة التي لا تنام، وبقي في الميدان جنباً إلى جنب مع حماة الديار، ليوثق الحدث بالصوت والصورة، ولينقل الحقيقة كما هي، وبأن ما تتعرض له سورية هو إرهاب دولي منظم، بأذرع إرهابية مأجورة، قدم هذا الإعلام كوكبة من الشهداء في عمر الزهور، ومنهم: الزملاء يارا عباس، علي عباس، وشكري أبو البرغل، وباسل يوسف، ومحمد الأشرم، ومايا ناصر، والمصوران إحسان البني، وحاتم أبو يحيى، وناجي أسعد، وكان الوطن في عقيدة هذا الإعلام المقاوم أولاً وثانياً وثالثاً وأخيراً.
واجه إعلامنا الوطني إمبراطوريات عالمية، وأعرابية، وصهيونية، وبقي صامداً مثابراً، وتمكن من أن ينقل صوت السوريين إلى العالم بأسره، بأن الأمريكي، والأوروبي، والتركي، والخليجي، والإسرائيلي، كلهم كاذبون، ومتآمرون، وقتلة، وبأن السوريين نسيج واحد، وهم وحدهم أصحاب القرار، ومتمسكون باستقلاليتهم، وبقيادتهم، وبمؤسستهم العسكرية وسينتصرون مهما بلغت التحديات، وهو بذلك قدم أعظم العبر، ولكن هل فهمها المتآمرون؟!.