الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
منذ فترة أرجأ الرئيس الأمريكي جو بايدن إجراء المكالمة المعتادة بعد التنصيب مع “رئيس الوزراء الإسرائيلي”، قال المتابعون في واشنطن إن سبب هذا التأخير هو أن بايدن لم يوقع بعد على “الخطاب” الذي تطلبه “إسرائيل” بشكل روتيني من الرؤساء الأمريكيين”، وجرت هذه العادة مع تولي بل كلينتون الرئاسة في أمريكا، حيث أصرت “إسرائيل” على التوقيع على خطاب سري عند توليه المنصب الرئاسي، يتعهد فيه فعليًا بأن الولايات المتحدة لن تضغط عليها للتخلي عن أسلحتها النووية طالما استمرت في مواجهة تهديدات وجودية في المنطقة.
مهما كانت السياسة التي تتبناها الولايات المتحدة تجاه الأسلحة النووية الإسرائيلية، فقد حان الوقت لوقف هذه الطقوس المهينة، أضف إلى ذلك قيام أمريكا بمساعدة “إسرائيل” بنشاطها سواءً كانت هذه المساعدة بشكل دبلوماسي من خلال إلغاء مناقشة أسلحتها النووية في المحافل الدولية، أو مادياً من خلال الدعم المالي لنشاطاتها النووية، ومن خلال غض النظر عن الانتهاكات الإسرائيلية للقانون النووي، بما في ذلك بعض الانتهاكات داخل الولايات المتحدة نفسها، عندما قامت “إسرائيل” بتجربة نووية في جنوب المحيط الهندي، والتي تم رصدها بواسطة قمر صناعي أمريكي.
لقد أعمت واشنطن نفسها طواعية من خلال التظاهر بعدم معرفة أي شيء عن الأسلحة النووية الإسرائيلية، ومن أجل الحفاظ على هذه السياسة داخل الحكومة الأمريكية بالتجاهل المقصود للمشروع النووي الإسرائيلي، أصدرت حكومة الولايات المتحدة لائحة – موصوفة في نشرة تصنيف وزارة الطاقة الأمريكية حول القدرات النووية الأجنبية – والتي يهدد موظفي الحكومة بعقوبات شديدة إذا أقروا أو اعترفوا أو حتى مجرد تلميح بأن “إسرائيل” تمتلك أسلحة نووية.
في أول مؤتمر صحفي متلفز للرئيس السابق باراك أوباما، سألته الصحفية الراحلة هيلين توماس عما إذا كان يعرف أي دولة مسلحة نوويًا في الشرق الأوسط، كان أوباما مترددا في الإجابة الصحيحة قال: “فيما يتعلق بالأسلحة النووية كما تعلم، لا أريد التكهن، أنا شخصيًا، من معرفتي، لا يمكنني التأكد من ذلك ؟؟.” هناك أسطورة مفادها أن هذه التمثيلية مطلوبة بسبب تفاهم سري عام 1969 بين الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون ورئيسة وزراء “إسرائيل” السابقة غولدا مئير، من المفترض أنها وعدت بعدم اختبار سلاح نووي مقابل وعد بعدم الضغط على “إسرائيل” للتوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT) أو التخلي عن أسلحتها النووية.
إن الحكومة غير القادرة على الاعتراف بأن “إسرائيل” تمتلك أسلحة نووية لا يمكنها مناقشة مسألة الانتشار النووي في أماكن أخرى من الشرق الأوسط بمصداقية، لكن المخاطر أكبر بكثير في وقت أصبح فيه الانتشار النووي في المنطقة مصدر قلق عالمي وخطر متزايد قد يؤدي هذا إلى مزيد من الحماقة.
في مؤتمر حظر انتشار الأسلحة النووية لعام 2010 تم التصويت بالإجماع على عقد مؤتمر للشرق الأوسط يناقش مشاكل حظر الأسلحة النووية باستثناء مندوب أمريكا في المؤتمر الذي قال إن الرئيس أوباما رفض الفكرة، وأضاف: “وجهة نظرنا هي أن السلام الشامل والدائم في المنطقة هو الامتثال الكامل من قبل جميع دول المنطقة لالتزاماتها المتعلقة بالحد من التسلح ومنع الانتشار هي بوادر أساسية، نحن نعارض بشدة الجهود المبذولة لإقصاء “إسرائيل” ونعارض الأعمال التي تهدد الأمن القومي “لإسرائيل”.
لقد وضعت الولايات المتحدة نفسها في موقف سخيف إذا كانت “إسرائيل” تريد الإبقاء على الغموض بشأن ترسانتها النووية – سواء للأمن القومي أو لأسباب بيروقراطية محلية لتجنب التدقيق – فهذه هي مهمتها، لكن قبول الولايات المتحدة أو رفضها فيما يمكن أن تقوله أصبح الآن من اختصاص بايدن.
تحاول الولايات المتحدة منع إيران من تطوير أسلحة نووية لكنها لا يمكنها مناقشة الموضوع بمصداقية أو فعالية دون الاعتراف بأن “إسرائيل” تمتلك أسلحة نووية أيضًا، أخيرا إن الخطاب الذي تتوقع “إسرائيل” أن يوقعه جميع الرؤساء الأمريكيين يفترض أنه يتحدث عن الحماية الأمريكية طالما أن “إسرائيل” تواجه “تهديدات وجودية” – وهو ما يثير التساؤل حول ما إذا كانت “إسرائيل” لا تزال تواجه أي تهديدات من هذا القبيل، خاصة بعد اتفاقيات أبراهام 2020 التاريخية والاتفاقيات الأخرى مع بعض الدول العربية، وقد تحدث وزير الخارجية أنطوني بلينكن في جلسة الاستماع في مجلس الشيوخ عن أن أمن إسرائيل” مقدس”، ويجب أن نحميها.. حان الوقت لتحديث تفكير واشنطن، “فإسرائيل” مسلحة نووياً وهي أقوى من كل جيرانها.
إن مصداقية الولايات المتحدة ومكانتها في سعيها لمنع المزيد من الانتشار النووي أكثر أهمية من الانغماس مع “إسرائيل” في تمثيلية تقوض المصالح الأمريكية.
بقلم: فيكتور جيلينسكي
