الثورة أون لاين – فؤاد الوادي:
أبعد بكثير من القراءة التقليدية للحدث فإن ( انتحار) أو ( تصفية) ضابط من حراس أردوغان الشخصيين يعني أن النظام التركي قد بدأ فعلا بنهش نفسه من الداخل لاسيما وأنه قد دخل مرحلة الاحتضار السياسي والأخلاقي والإنساني منذ أن أعلن نفسه سلطاناً على جثث وأشلاء السوريين.
المهم أننا أمام مرحلة جديدة لإرهاب السلطان التائه وهو في أوج احتضاره بين إرث الأجداد وإرهاب الإخوان خاصة وأنه وريث العثمانية و الإخوانية في ٱن معا.
أردوغان لم يعد أكثر من جثة هامدة على قارعة المشهد الإقليمي والدولي بعد أن كان حلمه أن يتوج سلطاناً على المنطقة لكنه بدأ اليوم منبوذا حتى من شعبه وقد سقط القناع عن الوحش وبدأت الحرب من داخل مقصورته التي قد تتجاوز في أسرارها وحكاياتها حكاية ألف ليلة وليلة.
في تفاصيل الحادثة لا تختبئ الكثير من الأسئلة وإشارات الاستفهام فحسب؛ بل تختبئ شياطين المجرم أردوغان؛ وبحسب ما ذكرته صحيفة “جمهوريت” وغيرها من وسائل الإعلام التركية، أن محمد علي بولوت، الحارس الشخصي لرئيس النظام التركي، قد أقدم على الانتحار، بعدما ترك رسالة تفيد بتعرضه لضغوطات وتهديدات وإهانات متكررة أثناء عمله.
وأضافت الصحيفة بأنه إثر تغيبه عن العمل ووجود هاتفه خارج التغطية، بادر زملاء الضابط المنتحر للذهاب إلى شقته لمعرفة سبب تغيبه، ليجدوا زميلهم جثة هامدة، وبجانبه رسالة كتبها قبل أن ينتحر.
ويقول فيها: ( ينبغي أن تتعاطى مع موظفيك بطريقة أحسن، بدلا من إهانتهم، وتحقيرهم، وتهديدهم بالفصل التعسفي وإذلالهم، كل إنسان له كبرياؤه وكرامته، ولم أستطع تحمل هذا الكم من الإهانات).
وختم رسالته بالقول: (ليتكم حاولتم معاملتنا بلطف وتفهمنا، لا أريد حضور أي من القيادات جنازتي ) .
وقد أثارت هذه الحادثة التي يكتنفها اللبس والغموض، بحسب مراقبين في تركيا مجددا، النقاش حول تفشي ظواهر مجتمعية شاذة وخطيرة، كالانتحار الذي تتزايد حالاته في البلاد وهي بالمئات سنويا، والتي يظهر سجل المقدمين عليها، تحدرهم من خلفيات اجتماعية وطبقية متباينة، ومن مهن مختلفة تشمل ضباطا ورجال الأمن وأطباء ومهندسين وعمالا، مما يعني أن الظاهرة باتت عامة، تشمل مختلف شرائح وقطاعات المجتمع في تركيا.
ويعني هذا الأمر أيضا أن الأزمات المتراكمة والمركبة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي سببها نظام أردوغان، باتت متفاقمة لدرجة تدفع العديد من المواطنين الأتراك للانتحار.
وقد طالبت العديد من القوى السياسية والبرلمانية والمدنية في تركيا، بفتح تحقيق شفاف ومحايد في هذه الحادثة المثيرة للشبهة، وكشف ملابساتها ودوافعها، كونها قد تنطوي على حقائق وأبعاد مخفية.
وقالت وسائل إعلام تركية إن انتحار ضابط في أمن الرئاسة هو ليس، كأي حادثة انتحار أخرى، فلربما وراء الأكمة ما وراءها، إذ قد يكون الضابط لم ينتحر، بل تعرض للتصفية الجسدية، لأسباب لا نعرفها طبعا، لكنها قد تكون مرتبطة بصراعات وتصفية حسابات، فهذه فرضية ينبغي عدم إهمالها واستبعادها).
وأضافت المصادر: (ربما كان الرجل قد علم بأشياء معينة بحكم عمله، تتعلق بفضائح أو معلومات حساسة).
وتابعت المصادر : (حتى لو كانت الحادثة بالفعل انتحارا، فالمصيبة هنا أعظم، فأن يصل الإنسان لحالة من اليأس والانهيار والشعور بالإهانة والهامشية، لدرجة يقدم فيها على إنهاء حياته، فهذا مؤشر على مدى فداحة ما تعرض له وقاساه.. وإذا كان هذا حال التعاطي مع ضباط الحرس الرئاسي، فلكم تخيل طريقة تعاطي نظام أردوغان الاحتقارية والاستعلائية، مع بقية الناس.