تقف اليوم الكثير من الفعاليات التجارية والصناعية الصغيرة شبه عاجزة عن مجاراة ما يحدث إزاء تراجع قيمة الليرة، وقد شهدنا خلال اليومين الماضيين إغلاق بعض هؤلاء وخاصة باعة المفرق هرباً من تراكم الخسارة التي بدأت تهشم رأس المال العامل لكل منهم بسبب التغيرات اللحظية التي تجري على قيمتها.
إلا أن هذا لا يعكس الحقيقة كاملة، ولا يعدو كونه نتيجة لما يجري، فالواضح أن هناك رأسمال أقوى يدفع الأسواق باتجاهات غير واضحة المعالم، من خلال فرض أسعار قد تكون وهمية بحسب ما يذهب إليه البعض، لكنها على أرض الواقع بدت أسعاراً حقيقية تجري وفقها عمليات البيع والشراء لمختلف الحلقات التجارية وصولاً إلى المستهلك..
واللافت في الأمر أن الصعود يبدأ بأسعار مواد محددة وأساسية كالزيوت والسمون والرز والسكر، لنجد أن هذه السلع أصبحت تقود أسعار باقي المواد صعوداً بنسب مختلفة وعلى مزاج التاجر وبلا سقف محدد، فكلما ارتفعت أسعار تلك السلع تنتقل الحمى مباشرة إلى باقي السلع..
ولن نسأل هنا عن دور هذه الجهة أو تلك في الضبط والمتابعة لأن الواقع كشف الكثير مما بات معروفاً اليوم، لكن نجدد التساؤل عن أحقية بعض أصحاب الفعاليات في تدوير رؤوس أموالهم وهي قابعة في المستودعات والمخزنة كسلع وبضائع فيها، والتي يحصدون بها أرباحاً طائلة دون أن يتكبدوا حتى عناء نقلها إلى الأسواق فكيف يستوي الأمر عند هؤلاء..!!.
بالمقابل نجد هؤلاء أول المتحمسين لعرض مطالبهم والحديث عن صعوبات تواجههم في الاستيراد والتصدير والتوزيع والإنتاج وغيرها، يعرضونها على الملأ من خلال ممثليهم في غرف التجارة والصناعة والزراعة متناسين أن عليهم تقاسم الصبر مع غيرهم من باقي الشرائح في المجتمع.
فالبلاد اليوم ما تزال تعيش ظروف حرب عدوانية استخدمت فيها كل الأدوات والسبل العسكرية والاقتصادية والإعلامية، وجرى التضييق على المواطن السوري عموماً دون تمييز بين تاجر أو صناعي أو موظف أو فلاح أو عاطل عن العمل، لكن الواضح أن هناك من استفاد من هذه الظروف وحولها إلى ذريعة غير قابلة للنقاش، وليجني بعدها أرباحاً مضاعفة دون أن يرف له جفن، وكثيرة هي المشاهد التي تدلل على ذلك.
على الملأ- بقلم أمين التحرير محمود ديبو