الثورة أون لاي- رنا بدري سلوم:
” الكتابة، حالة من الشّغف أعيشها، هي فرصة اقتناص اللحظة العابرة والتقاطها وتدوينها حبراً على الورق، هي بثَّ الكاتب هموم مجتمعه ووطنه وأمته ” هكذا كتب “إياس الخطيب” حين هنأته وهو يرفع اسم سورية في المحافل الدولية ويحصل على جائزة “يوري حدانوف” عن فئة العلماء الشباب، رغم صغر سنه إلا أنه أثبت نفسه وبجدارة في الوسطين الأدبي والعلمي فالدكتور في العلاقات الدولية والقاص إياس فرحان الخطيب وفي حوار لصحيفة “الثورة” لم يغادر سورية إلى روسيا إلا جسداً، فهي أبجديته التي يتصدر بها العالم وهي كلمة الضمير الحق التي يستبسل من أجلها.
س1- ماذا تعني لك الكتابة وكيف اختارتك القصة؟
لطالما كان الأديب لسان حال مجتمعه، وهو الأقدر على التعبير عمّا يختلج مشاعر الآخر الذي يعجز عن البوح، ليأتي الكاتب ويكون هو المتنفّس، هو المنقذ، هو المخلّص والرّسول، أما عن سبب اختياري للقصة فهي من اختارتني، فقد تملّكني هذا الفن الأدبي الرفيع والأنيق، فعندما نحب، من الأفضل ألا نسأل لماذا وكيف حصل ذلك، إني أرعى قصتي كطفلٍ مدلل، فهذا الطفل هو من سيرعاني يوماً ما، الأدب يُخلّدُ صاحبه، نذهب أجساداً، لكنَّ كلماتنا تبقى محلّقة، تطرق الأبواب، تدخل البيوت، تتعربش على رفوف المكتبات، وتدخل أرواح الآخرين، فبالكلمة ترتقي المجتمعات وتنبض بالحياة.
س2 متى تتنفس الكتابة؟
– حقاً أتنفسها، فأنا لا أغادر الكتابة حتى أعودَ إليها، الكتابة ليست اللحظة التي نمسك بها القلم ونبدأ بالعزف على وتر الكلمة، الكتابة دم يجري في الجسد، ودور الكاتب أنه يسمع ما لا يسمعه الآخرون، ويرى ما يعجز الآخر عن فك طلاسمه، ويبدأ عملية الكتابة التي هي بالأصل لم تنفصل عنه، والتي يعيشها على مدار الساعة واللحظة وفي كل دقيقةٍ وثانية.
س3 ماذا أضافت الغربة للقاص الذي يسكنك؟
– الغربة نافذة على عوالم أخرى، هي فرصة الإطلاع على ثقافات الأمم، وعيش مفردات الشّعوب، من فن وأدب وعادات وتقاليد وموروث حضاري، الغربة فرصة عظيمة تتيح لك تقبّل الآخر وتفهمه، والإطلاع على ما أنتجته الشعوب الأخرى من أدب وموسيقا وفلسفة وعلوم وجميع أنواع الفنون، الغربة هي ذلك الصيد الثمين، فقط عليك أن تنظر بعين الفاحص وتلتقط الفرص كي لا تهرب من بين يديك، فهناك الكثير من الأكف المفتوحة، والتي تنتظر كما تنتظر أنت، ولكي تكون السبّاق، اصنع أنت الفرصة، كن مقداماً، وكما الإبداع هو حالة خلق، فعليك أنتَ أن تكون أيضاً كذلك..
س4- كيف كتبت سورية في وضعها الراهن ؟
– عندما نتكلم عن سورية، فنحن بحاجة أن نعيد اختراع القواميس، وأن نضيف إلى القواميس قواميس جديدة، لم تكن سورية يوماً إلا قابعة في سويداء القلب، بل هي القلب الذي ينبض بنا، الذي ينبض بأبنائه أينما حلّوا وارتحلوا..
في روايتي “حرائق النّعنع” كتبت:” أتدركين يا حبيبتي ما الذي يعنيه تحرير وطن.. إنه الانعتاق إلى الحرية، إنه الطريق إلى النور”، سورية ترافقني في جميع الأنشطة التي أقوم بها، من مؤتمرات دولية وفعاليات أدبية وفنية ومجتمعية، وهي مصدر اعتزازي أينما حللت.. نحن ننتمي لأقدم عاصمة في التاريخ (دمشق)، ولأقدم مدينة في التاريخ (حلب)، وللأبجدية الأولى المكتشفة في أوغاريت، وأعتقد أن قصتي (الجثة) التي برمزيتها قاربت إلى حد ما وضع سورية الرّاهن.
س- 5 دور السفر في تطوير تقنياتك الكتابية ؟
– لا شك أن السّفر والتنقل والإطلاع على بيئات مختلفة، وعلى أدب الشعوب، يضيف شيئاً بل أشياءً في نفسية وشخصية الكاتب ويساهم في تطوير تقنياته الكتابية، فالسفر فرصة للانفتاح المعرفي والثقافي والأدبي والنظر بعينين فاحصتين أكثر انتباهاً وإدراكاً وعمقاً.. وهذا لابد وأن ينعكس من خلال الأعمال الأدبية التي ينتجها الكاتب تباعاً، والتي بطبيعة الحال ومن خلال التجارب الجديدة والقراءات للآداب العالمية باللغة الأم، تطوّر من أدوات القاص والروائي والشاعر والمسرحي، سواءً على المستوى المعرفي، أو على المستوى التقني للنص.
لمحة وإصدار
يذكر أن إياس الخطيب مواليد 1990 حاصل على شهادة الدكتوراه في مجال العلاقات الدولية جامعة الجنوب الفيدرالية الحكومية (روسيا)، مشارك في العديد من المؤتمرات داخل وخارج سورية ينشر في الصحف والمواقع الإلكترونية باللغتين العربية والروسية، صدرت له المجموعة القصصية (بيض الفال) 2011، الرقص على شرفة النهار (مجموعة قصصية) 2013 ورواية (حرائق النعنع) 2018.