“زفير العشاق”.. أنين الحواس وكلام القلب

الثورة – رانيا حكمت صقر:

حين تتعثر الكلمات عن التعبير، ويزداد الألم صمتاً في القلب، يخرج “الزفير”.. تلك التنهيدة الصامتة التي تحمل بين طياتها قصص العشق والألم، ووميض الأمل بين صفحات الحياة.

بهذه الكلمات التي ملأت أحاسيس يعقوب غيبس في مولوده الأدبي الأول “زفير العشاق”، كتاب شعري جمع بين دفتيه مشاعر رقيقة ونبضات حقيقية، مكتوبة من عمق تجربة شخصية بين جدران المستشفى وخلف قضبان النافذة، هو أكثر من مجرد ديوان غزلي، إنه رحلة وجدانية صادقة تعبّر عن الحب، الشوق، الفراق، الألم واللقاء، مضاءة بأشعة الإصرار والتأمل.

عبق الألم والحنين كان بداية الحلقة التي نسجها غيبس، هذا ما سرده لصحيفة الثورة حيث حكايته لم تخرج من فراغ بل كانت نتاج ساعات طويلة من الحزن والمرض و”أيام ثقل المشاعر”، كما يصفها هو بنفسه، “كنت أجلس أمام أمي حزيناً ومتعباً، بصفتي إنساناً حساساً ورقيق المشاعر، تزداد وطأة الألم بعد معاناة مرضي وحكايات غرامية معقدة”، هكذا بدأ يعقوب حديثه عن سبب ولادة “زفير العشاق”.

كان القلق يتملكه في بعض اللحظات، وعندما كانت أمه تسأله “ما بك؟”، لم يكن يجد الكلمات الكافية ليشرح ما يجول في صدره، إلا “زفير” تلك التنهيدة التي حملت قصته بعفوية وبساطة، لتكتب بعد ذلك لحظة الانفجار العاطفي الذي وجد له متنفساً في الشعر.

يضمّ الكتاب نحو ثلاثين قصيدة شعرية، بالإضافة إلى عدة مقاطع صغيرة، كلها متفرقة ومتنوعة، لكنها متماسكة في موضوعها الغزلي الذي يُعد الغرض الأسمى في الشعر العربي، ينقل الكتاب القارئ في رحلة داخلية عميقة، تكشف له ما قد يختلج في نفسه من مشاعر لم يجد الكلمات التي تعبر عنها من قبل.

غيبس نفسه، يعترف أنه كثيراً ما يكتب بيت شعر، ومن ثم يُبكيه حين قراءته، كأنه يعيد فتح جرح دفين عبر الكلمات، ومن القصائد التي تلامس وجدان القارئ بقوة، تأتي “مسرى الغرام”، التي تحدث فيها يعقوب عن قصة غرامه التي بدأت بانطلاق عاطفي ثم اشتد الشوق في ظل مرضه ومن ثم غدر تراكمت أخطاؤه وتركت أثراً عميقاً في تجربته الإنسانية.

هذه القصيدة كتبت خلال فترة مكوثه في المستشفى، حيث كان يستيقظ كل صباح ويسحب معه كيس الدواء إلى نافذة الغرفة ليتأمل طريق الأوتستراد، ومن هناك ولدت أبيات تعبر عن الألم والحنين:”مسرى الغرام”

عسى تمرُّ وعيني فوقَ مسراها

أو قد يُحمَّلُ لي في الجوِّ ريَّاها

قم يا غطائي فما لي قوةٌ جُمِعت

ترجو ابتعادكَ إلَّا الهمُّ غطَّاها

وجرعةُ السمِّ تجري في الوريدِ ضحىً

وأنهرٍ صُبَّ في الأوصالِ مجراها

ودمعُها الأصفرُ الفتّاكُ يفتكُ في

جسمي وتقصفُ لي قلبي مناياها

تبكي عليَّ وتُبكيني مدامعُها

ومطلعُ الغمِّ مصحوبٌ بمبكاها

ينسج يعقوب في قصيدته هذه بأسلوب شعري حزين وصادق صورة مكثفة عن المعاناة، ما بين جرعات السم في الوريد، والدموع الصفراء التي تقصف القلب، وبين وقع الحرب الداخلية التي يعانيها، تنساب الكلمات كما لو كانت توثيقاً لتجربة روح نضبت بين الألم والحنين، إذ تتشابك المشاعر ما بين الموت والحب، الألم والأمل.

يحتوي الكتاب على 130 صفحة من المشاعر والواقع الإنساني الدافئ، نشرته دار العراب ليرسخ مكانه في فضاء الأدب العربي الحديث.

“زفير العشاق” ليس فقط كتاباً شعرياً، بل هو نافذة على عالم إنساني يختبر المعاناة والفرح في آن واحد، بلسان قلب يعقوب غيبس يلتقي القارئ مع نفسه، مع أحاسيسه وألمه، ويجد فيها صدى لما خفي من كلام داخلي.. تجربة فريدة تعيد للقصيدة جمالها المعاصر وتجعلها لغة القلوب المتعبة.

 

آخر الأخبار
الفوسفات تحت المجهر… توضيحات تحسم الجدل حول "يارا" تحسين الواقع الخدمي في ريف دمشق جامعة اللاذقية تطلق "وجهتك الأكاديمية" 10 ملايين دولار لتأهيل الطرقات في حلب يمنح الخريجين أملا أوسع إدراج معاهد حلب الصحية تحت " التعليم التقاني" الاستثمار الوطني .. خيار أكثر استدامة من المساعدات الشرع.. رؤية جديدة للعلاقات الدولية منصة إلكترونية.. هل يصبح المواطن شريكاً في مكافحة الفساد؟ بمشاركة سوريا.. اجتماع وزاري تحضيري للقمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة انطلاق ملتقى "وجهتك الأكاديمية" في "ثقافي طرطوس" المنصة الإلكترونية.. تعزيز الرقابة المجتمعية في مكافحة الفساد لجنة بحجم "بلدية".. مشاريع خدمية متواصلة في كشكول "وجهتك الأكاديمية".. في جامعة حلب..مساعدة الطلاب لاختيار تخصصهم الجامعي الجفاف الشديد ينتشر في جميع أنحاء نصف الكرة الشمالي بين 3 و5 ملايين سنوياً.. أجور نقل الطلاب ترهق جيوب الأهالي "الغار الحلبي".. عبق التراث السوري اللجنة العليا تتوقع إجراء الانتخابات قبل نهاية أيلول الحالي تدهور شبكات الري وتكاليف المدخلات تحديات تواجه مزارعي الأتارب إدلب تعيد الحياة لقطاعها الصحي وزير الداخلية: التواصل المستمر مع الفعاليات المجتمعية لتعزيز الثقة