الثورة – إيمان زرزور
لم يكن تتويج حيدر وردة بلقب بطولة “Lorch Fight Night” العالمية في ألمانيا مجرد فوز رياضي، بل كان حدثاً رمزياً يختصر سنوات من النضال داخل الحلبة وخارجها، فـ “وردة” الذي وقف مع الثورة السورية منذ بدايتها، حرص على أن تكون كل نزال يخوضه رسالة سياسية بقدر ما هو تحدٍّ رياضي، يرفع فيه علم الثورة ويُذكّر بقضية بلاده أمام العالم.
منذ انطلاقته في 2017، خطّ وردة مساراً مميزاً في عالم الملاكمة: ذهبيات عالمية، ألقاب احترافية، ومشاركات متتالية في بطولات أوروبية، جعلت منه اسماً معروفاً في دوائر الملاكمة الاحترافية، لكن ما أضفى على هذه المسيرة طابعاً فريداً هو مزجه الإنجاز الرياضي بالرسالة الوطنية؛ كل فوز له كان وسيلة لتثبيت حضور الصوت السوري الحر في المحافل الدولية.
اختيار وردة إنهاء مسيرته باللقب العالمي الأخير كان بمثابة مشهد وداعي مؤثر، سجوده وبكاؤه بعد الفوز، ورفع علم الثورة السورية أمام جمهور عالمي، نقل رسائل متعددة: الوفاء للشهداء، الإصرار على الاستمرار في القيم التي ناضل من أجلها، والقدرة على تحويل الرياضة إلى أداة ناعمة للدبلوماسية الشعبية.
ويشكل نجاح وردة نموذجاً مُلهِماً للشباب السوري في الداخل والخارج، فهو يبرهن أن الانتماء للقضية لا يتعارض مع التفوق الشخصي، بل يمكن أن يكون حافزاً له، كثير من الرياضيين السوريين المهاجرين أو اللاجئين وجدوا في وردة نموذجاً يُحتذى به.
كيف تحوّل المنصة الرياضية إلى منبر لقضيتك، وكيف تواصل بناء ذاتك رغم ظروف المنفى والحرمان؟.
حيدر وردة لم يترك فقط سجلاً رياضياً لامعاً، بل ترك نموذجاً لما يمكن أن يقدمه الرياضي الحر لقضيته: رفع اسم بلاده، والدفاع عن قيمها في أرقى ساحات المنافسة، ومسيرته تؤكد أن الرياضة وسيلة لبناء هوية وطنية جامعة، خاصة في مرحلة إعادة تشكيل الدولة والمجتمع بعد الثورة.