من المعروف القول العامي الذي يمثل حقيقة يجب الانتباه إليها: الماء أهون موجود وأعز مفقود، والهوان هنا بمعنى القيمة الصغيرة التي لايأبه لها أحد ما، أما فقدانه فيعني فقدان الحياة التي هي أقدس شيء في هذا الكون، فهل من يمارس ويعمل على خنق الدول والشعوب بقطع المياه عنها لحظة الحاجة إليها، هل ينتمي إلى الإنسانية التي يتبجحون باسمها ويتاجرون بمصطلحاتها من يفعل ذلك؟
بالتأكيد لسنا بحاجة إلى تقديم إجابات على ذلك، فمدينة الحسكة التي عانت الأمرين ومازالت من هذا الفعل الإجرامي خير شاهد على ذلك، أكثر من مليوني مواطن هم تحت رحمة العصابات الإرهابية التي يدعمها المحتل التركي، تقطع المياه متى أرادت دون وازع من أخلاق، مع صمت عالمي مريب.
وقبل مدينة الحسكة شهدت دمشق الحال نفسها عندما كانت العصابات الإرهابية تعيث فسادا في منطقة عين الفيجة، هذا ليس الصفحة الوحيدة من تاريخ الإرهاب المائي الممارس كوسيلة إبادة جماعية بحق سورية والسوريين، فالسلطات التركية تتلاعب بالحصة التي يجب أن تكون للدول المتشاطئة لنهر الفرات، أو لنقل دول العبور والمصب، تقلل الكمية التي يجب أن تصل وقت الحاجة إليها، ما ينعكس ضررا كارثيا على كل شيء.
لم يكن الأمر المرة الأولى وربما لن يكون الأخيرة، أوراق ضغط ومساومة رخيصة تمارسها الدول التي تفعل ذلك، أينما كانت، فالقوانين الدولية والاتفاقات والمعاهدات التي وقعت بين الدول هي الفيصل في الأمر، ما تقوم به السلطات التركية حرب إبادة تضاف إلى جرائمها التي يعرفها العالم كله، ومع كل هذا الإرهاب لن يكون بمقدورها أن تنال من إرادة الحياة عند السوريين الذين خبروا جرائمها، ويعرفون كيف الخلاص منها.
البقعة الساخنة- بقلم أمين التحرير- ديب علي حسن