الثورة اون لاين:
يروى أن منادياً للصوت في مدينة ما، كان يهبط بسرعة من على منبره ويسرع باتجاهات مختلفة، كرر الأمر مرات ومرات، وحين سئل عن السبب قال ببرودة أعصاب: حتى أعرف إلى اين يصل صوتي..
كيفما كانت المرارة التي يحملها هذا العمل سواء كان ما يروى توليفة من الخيال ومن باب الطرفة التي اشتهرنا بها، فهو ممض وقاتل، ويحمل دلالات كثيرة، أولها: إن القياس الذي تقوم به كنتيجة لعملك سيكون مصيره كحال المنادي، دع غيرك يفعل، يقف بمكان ما، هل يصل الصوت إليه؟
ما قوته، ما تردده، كيف يترك أثره عند من يسمع؟.
أسئلة كثيرة يجب أن تطرح بعد أن يكون القياس موضوعياً منطقياً، ولكن ماذا إذا لم يكن يصل ما العمل؟ هل حنجرة المنادي، أم ارتفاع المنبر، واتجاه الريح، رسالة المنادي هل تهم الجميع؟
ما ينطبق على المنادي ينسحب على الإعلام تماما، قياسا، أدوات، أهداف، مسافات، أثر، وما في القائمة من أسئلة، وقبل ذلك السؤال الملح: هل نصل نحن كإعلام؟ وكيف نصل، من يقيم ويقوم وصولنا، ماردة الفعل، ما الأثر، وهنا بيت القصيد: هل نقيم ونقوم الأثر كما لو أننا في سوق الهال: كم كان ربح التاجر بعد حساب التكلفة؟ للأسف في المشهد الثقافي والإعلامي ثمة من يظن ذلك ممن يديرون المشهد، ومن المسؤولون الذين يجهدون أنفسهم في قياس الأثر الآني، وينسون ان الرسالة الإعلامية والثقافية حصادها بعيد المنال، قد تحصده أجيال بعدنا، ولكنها تترك (أثر الفراشة ).
هل نذكرهم بعمل العدو كان تضليلاً واختراقاً بهدوء حتى استباح العقول- والعدو ليس العدو الظاهر فقط- بل كل من يفتك غزواً ثقافياً وفكرياً، من اينما كان وكيفما كان، ورأينا النتائج على أرض الواقع.
وأيضا رأينا أيضا أن ثمة زرعاً مقاوماً قد أتى حصاده وأينع ثمره بوجه هذا الغزو، ولولا هذا الزرع الذي نضج بهدوء لما كانت هذه الروح المقاومة التي أعطت العالم درسا في كل شيء.
هذا يعني ببساطة: أن علينا أن نستمر بالزرع، صحيح أن وسائل الزرع قد تغيرت، وعلينا أن نتغير معها، نطور ادواتنا، لكن الأكثر صحة أننا يجب ألا نكسر ونحطم مناجلنا، إنما نشحذها لحصاد يجب أن يكون قد تم زرع قمحه.
فهل نزرع قمحه، وكيف، هل نصل، من يجيب على ذلك؟
في خضم النقاش الذي يجب أن نعترف أنه قد بدأ مع الخطوة الأكثر جراة في المشهد الإعلامي السوري، اعني بها: ورشة الإعلام الرقمي التي اقامتها مؤسسة الوحدة للصحافة والنشر بمبادرة من السيد المدير العام الاستاذ أمجد عيسى، وكان الطرح جريئاً بدءاً من التشخيص الذي قدمه السادة رؤساء التحرير ( الأستاذ علي نصر الله، رئيس تحرير صحيفة الثورة، والأستاذ عارف العلي، رئيس تحرير صحيفة تشرين، والسادة رؤساء تحرير الصحف في المحافظات ).
ومن ثم ما قدمه الزملاء الذين طرحوا القضايا على بساط من الثقة والجرأة، بعد هذا ربما علينا أن نعود إلى السؤال: هل نصل إلى المتلقي، كما نحن الآن، حديث آخر، قد يكون صادما.