الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
جاء في المادة الثالثة من قانون الانتخابات السورية الصادر عام 2014 أن الانتخاب والاستفتاء هو حق لكل مواطن وواجب عليه، متى توفرت فيه الشروط المنصوص عليها في هذا القانون لممارسته، وذلك بغض النظر عن دينه أو رأيه أو انتمائه السياسي، كما يمارس حق الانتخاب أو الاستفتاء بالاقتراع العام والسري والمباشر والمتساوي بصورة حرة وفردية، ولا يجوز ممارسة هذا الحق بالوكالة، وفي المادة الرابعة منه أعطى القانون حق الانتخاب لكل مواطن أتم الثامنة عشرة.
لا شك أن الظروف التي مرت بها سورية خلال العشر سنوات الماضية تجعل من هذه الحقوق والواجبات فعلاً وطنياً حقيقياً وهو بلا شك يأخذ شكلا من أشكال المقاومة السياسية بامتياز، فكل ما جرى من إرهاب وعدوان وحرب وحصار وضغوط خارجية على الشعب السوري من قوى استعمارية طامعة كان يهدف بالدرجة الأولى إلى مصادرة سيادة واستقلال سورية بالدرجة الأولى، وبالتالي مصادرة حق أبناء سورية في اختيار ممثليهم سواء في موقع رئاسة الجمهورية أو في مجلس الشعب أو مجالس الإدارة المحلية، وحرمانهم من اختيار نوع وشكل وصيغة الحياة السياسية التي كفلها لهم دستورهم وتحقق مصالحهم الوطنية.
فالانتخاب هو ممارسة شعبية ديمقراطية تضمن لكل مواطن اختيار الشخص المناسب في موقع المسؤولية من زاوية الحرص على تحقيق أمانيه وآماله وتطلعاته إلى حياة حرة وكريمة، وفي مثل هذه الظروف التي نعيشها يتحول الإقبال على صناديق الاقتراع في يوم الانتخاب إلى مواجهة فاعلة وحقيقية ومؤثرة مع أعداء الوطن ممن أرادوا لسورية أن تكون دولة تابعة لا تملك قرارها ولا حرية التصرف بأمورها وشؤونها الخاصة، وهذا ما يجعل يوم السادس والعشرين من شهر أيار مناسبة للتأكيد على الانتصار الذي تحقق على الإرهاب، وتعزيز السيادة الوطنية، وترسيخ مفهوم الحرية، لأن سيادة وحرية الأوطان أهم بكثير من أي حسابات أخرى جانبية أو مرحلية.
ولأن الانتخابات الرئاسية على هذا القدر من الأهمية بالنسبة للاستقرار في سورية ولمستقبل الحل السياسي فيها، ولكل ما يتعلق بالشأن السوري، فقد ضخت منظومة الإرهاب والعدوان أقصى ما لديها من حملات إعلامية تضليلية وضغوط سياسية، بل وجهزت ودربت ومولت مجموعات إرهابية من أجل التأثير على هذا الحدث وتعطيله إن أمكن، لأن المقصود بالأصل ومنذ بداية الحرب هو إسقاط سورية، وإغراقها بالفوضى والدمار لكي تتخلى عن مواقفها القومية وعن دورها المؤثر في كل القضايا العربية ولاسيما القضية الفلسطينية التي يحاول الكيان الصهيوني وداعموه الدوليون تصفيتها، لذلك لم يكن مستغرباً هذا الضخ الإعلامي اليائس وهذا التضليل المبرمج وهذه الضغوط الاقتصادية والسياسية التي مورست على سورية، لكسر إرادة شعبها وقلب أولوياته، بحيث تدخل دولتهم في الفراغ، ويسهل على الأعداء والطامعين تنفيذ أجنداتهم الخبيثة فيها.
ولأن موقع رئاسة الجمهورية بهذه الأهمية البالغة بالنظر للدور الذي يقوم به على الصعد كافة والقرارات المصيرية والحاسمة التي يتخذها والمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه، فإننا سنشهد المزيد من الضغوط والممارسات غير الإنسانية بحق دولتنا وشعبنا، بهدف التشويش على الانتخابات والتشكيك بنتيجتها، وهذا ما يحمل المواطن السوري واجباً إضافياً يدعوه لممارسة حقه الانتخابي بكل إصرار وعزيمة لإفشال محاولات الأعداء التأثير على خياره الحر المستقل وحرفه عن بوصلته الوطنية التي يشكل انتخاب واختيار رئيس الجمهورية أهم دلالة على صحة توجهها، فالرئيس المنتخب هو عنوان السيادة الوطنية وهو عنوان الاستقلال، وفي حالتنا الراهنة هو عنوان الانتصار والاستقرار وإنجاز الحل السياسي وهو عنوان إعادة إعمار ما هدمته الحرب وعودة المهجرين، ولا شك أن مواطننا السوري يعي كل هذه القضايا، وسيكون حريصاً على أداء واجبه الوطني بقدر حرصه على تحصيل حقوقه وأهمها اختيار من يمثله ويرعى مصالحه وشؤونه بكل شفافية وحرية وديمقراطية.
في يوم السادس والعشرين من أيار سيؤكد السوريون مرة جديدة أنهم أصحاب القرار على أرضهم، ولن تثنيهم أي ضغوط أو حصار أو ترهبهم تهديدات أو ممارسات عدوانية، وقد سبق لهم أن أكدوا في العام 2014 أنهم على قدر المسؤولية والرهان، حيث كانت الظروف السياسية والأمنية والعسكرية أصعب خوأقسى وأشد وطأة وبما لا يقاس، لكنهم وجهوا رسائل لكل من يعنيهم الأمر، بأن السوريين أحرار ولا أحد يملي عليهم أو يختار بدلاً منهم، فكان خيارهم هو الصائب، إذ تحقق الانتصار الذي تطلعوا إليه على الإرهاب بهمة وإرادة وشجاعة وحكمة من اختاروه لقيادتهم وقتها، وعاد الأمان والاستقرار والسلام لمعظم الأراضي المحررة بشجاعة وبسالة جيشنا العربي السوري ووقوف شعبنا الصامد والأبي خلفه، ولن يخطئ السوريون الرهان هذه المرة وهم أكثر ثقة وأكثر إصرارا على مواصلة الطريق.
التالي